×
إِتْحافُ القاري بالتَّعليقات على شرح السُّنَّةِ لِلْإِمَامِ اَلْبَرْبَهَارِي الجزء الأول

 يتطرَّق إِليها الخَلَلُ. هذا اتِّهامٌ للأُمَّةِ وعلمائِها والصَّحابةِ والتَّابعين الذين نَقَلُوا الأَخْبارَ بعَدَمِ الثِّقة وعدمِ الأَمانة. وقد أَخْبَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عن هؤُلاءِ بقوله: «يُوشِكُ رَجُلٌ شَبْعَانُ عَلَى أَرِيكَتِهِ يَقُولُ: بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ كِتَابُ اللَّهِ عز وجل، فَمَا وَجَدْنَا فِيهِ مِنْ حَلاَلٍ اسْتَحْلَلْنَاهُ، وَمَا وَجَدْنَا فِيهِ مِنْ حَرَامٍ حَرَّمْنَاهُ» ثم قال صلى الله عليه وسلم: «أَلاَ إِنِّي أُوتِيتُ الْقُرْآنَ وَمِثْلَهُ مَعَهُ» ([1]) وقال عليه الصلاة والسلام: «نَضَّرَ اللَّهُ امْرَأً سَمِعَ مَقَالَتِي فَوَعَاهَا فَبَلَّغَهَا كَمَا سَمِعَهَا، فَرُبَّ مُبَلَّغٍ أَوْعَى مِنْ سَامِعٍ» ([2]).

وقال عليه الصلاة والسلام لمَّا خطب في عَرَفَةَ: «لِيُبَلِّغِ الشَّاهِدُ مِنْكُمُ الغَائِبَ» ([3])، فالذي سمع يُبلِّغُ عن الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم، هذه أَمانةٌ قام بها رُوَاةُ الحديث ورجالُ الحديث جزاهم الله خيرًا، وصانوا السُّنَّةَ النَّبويَّةَ عن الدَّخيل والكذبِ، وبلَّغوها نَقِيَّةً صافيةً كما وَرَدَتْ عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم بأَمانةٍ، وهذا من معجزات هذا الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم؛ فالسُّنَّةُ ليست محلَّ تَوَقُّفٍ أَوِ اتِّهامٍ، بل يجب التَّصْديقُ بها، ويجب العملُ بها، كما يجب العملُ بالقُرْآن؛لأَنَّها وحيٌ من الله، قال تعالى في حقِّ الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم: ﴿وَمَا يَنطِقُ عَنِ ٱلۡهَوَىٰٓ ٣إِنۡ هُوَ إِلَّا وَحۡيٞ يُوحَىٰ ٤ [النجم: 3- 4]، فالأَحاديثُ وحيٌ من الله، وإِنْ كانت أَلْفاظُها من الرَّسُول صلى الله عليه وسلم، أَمَّا القُرْآنُ فلفظُه ومعناه من اللهِ جل وعلا،


الشرح

([1])  أخرجه: أبو داود رقم (4604)، والترمذي رقم (2664)، وابن ماجه رقم (12)، وأحمد رقم (17174).

([2])  أخرجه: الترمذي رقم (2657)، وابن ماجه رقم (230)، والدارمي رقم (236)، وابن حبان رقم (66).

([3])  أخرجه: البخاري رقم (67)، ومسلم رقم (1679).