أَمَّا السُّنَّةُ والأَحاديثُ النَّبويَّةُ فمعناها من اللهِ وأَلْفاظُها من كلام الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم الذي لا ينطق عن الهوى، فأَلْفاظُه صلى الله عليه وسلم معصومةٌ وصِدْقٌ، ولا يتطرَّق إِليها شكٌّ، فمن أَنْكَرَ السُّنَّةَ فإِنَّه كافرٌ؛ لأَنَّه عطَّل الأَصْلَ الثَّاني. والقُرْآنُ لابدَّ له من السُّنَّة، لأَنَّها تُبيِّنه وتُوضِّحه: ﴿بِٱلۡبَيِّنَٰتِ وَٱلزُّبُرِۗ وَأَنزَلۡنَآ إِلَيۡكَ ٱلذِّكۡرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيۡهِمۡ وَلَعَلَّهُمۡ يَتَفَكَّرُونَ﴾ [النحل: 44] فالسُّنَّةُ مُوضِّحةٌ للقُرْآنِ ومُفسِّرةٌ للقرآن.لأَنَّ القُرْآنَ جاءَ بأَشْياءَ مُجْمَلَةً مثلَ: الصَّلاة، والزَّكاةِ، والحجِّ، والصِّيامِ، السُّنَّةُ بَيَّنَتْها ووَضَّحَتْها، وبيَّنت الزَّكاةَ ومقاديرَها، والصِّيامَ متى يُبْدَأُ ومتى يُنْتَهَي، ومناسكَ الحجِّ كيف يَحُجُّ الإِنْسانُ، قال صلى الله عليه وسلم: «لِتَأْخُذُوا عَنِّي مَنَاسِكَكُمْ» ([1]) وقال: «صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي» ([2])، قال اللهُ تعالى: ﴿لَّقَدۡ كَانَ لَكُمۡ فِي رَسُولِ ٱللَّهِ أُسۡوَةٌ حَسَنَةٞ لِّمَن كَانَ يَرۡجُواْ ٱللَّهَ وَٱلۡيَوۡمَ ٱلۡأٓخِرَ وَذَكَرَ ٱللَّهَ كَثِيرٗا﴾ [الأحزاب: 21]، فالسُّنَّةُ تُفسِّرُ القُرْآنَ وتُوضِّحُهُ وتدلُّ عليه، والذي يقول: أَعْملُ بالقُرْآنِ ولا أَعْملُ بالسُّنَّةِ كَذَّابٌ، لم يعملْ بالقُرْآنِ لأَنَّ القُرْآنَ فيه: ﴿وَمَآ ءَاتَىٰكُمُ ٱلرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَىٰكُمۡ عَنۡهُ فَٱنتَهُواْۚ﴾ [الحشر: 7]، وفيه: ﴿وَمَا يَنطِقُ عَنِ ٱلۡهَوَىٰٓ ٣إِنۡ هُوَ إِلَّا وَحۡيٞ يُوحَىٰ ٤﴾ [النجم: 3- 4]، وفيه: وتوضحه: ﴿بِٱلۡبَيِّنَٰتِ وَٱلزُّبُرِۗ وَأَنزَلۡنَآ إِلَيۡكَ ٱلذِّكۡرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيۡهِمۡ وَلَعَلَّهُمۡ يَتَفَكَّرُونَ﴾ [النحل: 44]، لمَّا ترك العملَ بالسُّنَّةِ لم يعملْ بالقُرْآنِ الذي يدَّعي أَنَّه يعمل به.
([1]) أخرجه: مسلم رقم (1297).