وهذا بيَّنه الرَّسُولُ صلى الله عليه وسلم وقال: «صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي» ([1])، الحجُّ جاءَ مُجْمَلاً في القُرْآن، ووَكَّلَ بيانَه إِلى الرَّسُول صلى الله عليه وسلم، حجَّ بالمسلمين في حَجَّةِ الوَدَاعِ وقال: «لِتَأْخُذُوا عَنِّي مَنَاسِكَكُمْ» ([2]) أي: تعلَّموا مِن أَفْعالي وأَقْوالي ما تُؤَدُّونَ به مناسكَكم، واللهُ جل وعلا يقول: ﴿لَّقَدۡ كَانَ لَكُمۡ فِي رَسُولِ ٱللَّهِ أُسۡوَةٌ حَسَنَةٞ﴾ [الأحزاب: 21]؛ فالقُرْآنُ محتاجٌ إِلى السُّنَّةِ لتُبيِّنَه، فالذي يأخذ القُرْآنَ فقط؛ يكون قد قطع القُرْآنَ عمَّا يبيَّنه وما يُوضِّحُه، وهذا هدفُ أَهْلِ الضَّلال والذين في قلوبهم زَيْغٌ؛ لأَنَّ أَهْلَ الزَّيْغِ يأخذون بطَرْفٍ من الأَدلَّة ويتركون الطَّرْفَ الآخَرَ الذي يُفسِّرُهُ ويُوضِّحُهُ. ويأخذون بطَرْفٍ من الأَدلَّةِ متشابهٍ ويتركون الطَّرْفَ المُحْكَمَ الذي يُبيِّنُه ويُوضِّحُه، هذه طريقةُ أَهْلِ الزَّيْغِ، وطريقةُ المتعالمين والجُهَّالِ الذين يدَّعون العلمَ ولا يعرفون طريقةَ الاستدلالِ وقواعدَ الاستدلالِ، فيُحرِّمون ويُحلِّلون دون بصيرةٍ والعياذُ بالله؛ لأَنَّهم ما سلكوا المَنْهَجَ العلميَّ، وإِنَّما تعلَّموا على أَنْفُسِهم أَوْ على كُتُبِهم، أَوْ على مَن هو مثلُهم في الجهل.
([1]) أخرجه: البخاري رقم (6008).
الصفحة 7 / 260
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد