×
إِتْحافُ القاري بالتَّعليقات على شرح السُّنَّةِ لِلْإِمَامِ اَلْبَرْبَهَارِي الجزء الأول

 ﴿فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمۡ فَأَنزَلَ ٱلسَّكِينَةَ عَلَيۡهِمۡ وَأَثَٰبَهُمۡ فَتۡحٗا قَرِيبٗا [الفتح: 18] وقال في آخِرِ السُّورة: ﴿مُّحَمَّدٞ رَّسُولُ ٱللَّهِۚ وَٱلَّذِينَ مَعَهُۥٓ أَشِدَّآءُ عَلَى ٱلۡكُفَّارِ رُحَمَآءُ بَيۡنَهُمۡۖ يعني الصَّحابةَ ﴿تَرَىٰهُمۡ رُكَّعٗا سُجَّدٗا يَبۡتَغُونَ فَضۡلٗا مِّنَ ٱللَّهِ وَرِضۡوَٰنٗاۖ سِيمَاهُمۡ فِي وُجُوهِهِم مِّنۡ أَثَرِ ٱلسُّجُودِۚ ذَٰلِكَ مَثَلُهُمۡ فِي ٱلتَّوۡرَىٰةِۚ يعني صِفَتَهم المذكورةَ بالتَّوراة، ﴿وَمَثَلُهُمۡ فِي ٱلۡإِنجِيلِ أي: صفتهم في الإِنْجيل الذي أُنْزِلَ على عِيْسَى ﴿كَزَرۡعٍ أَخۡرَجَ شَطۡ‍َٔهُۥ فَ‍َٔازَرَهُۥ فَٱسۡتَغۡلَظَ فَٱسۡتَوَىٰ عَلَىٰ سُوقِهِۦ يُعۡجِبُ ٱلزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ ٱلۡكُفَّارَۗ [الفتح: 29] فدلَّ على أَنَّ الذي يغتاظ من الصَّحابة أَوْ يَبْغُضُهم أَنَّه كافرٌ ﴿لِيَغِيظَ بِهِمُ ٱلۡكُفَّارَۗ.

قوله: «لأَنَّا إِنَّما عرفنا اللهَ، وعرفنا رَسُولَه، وعرفنا القُرْآنَ، وعرفنا الخيرَ والشَّرَّ، والدُّنْيا والآخرةَ؛ بالآثار» أي: بالآثار التي رَوَوْهَا، وهي الأَحاديثُ التي رَوَوْهَا عن رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم، فالذي يطعن فيهم؛ يطعن في الشَّريعة، لأَنَّها من روايةِ رُوَاةٍ كَذَبَةٍ وغيرِ موثوقين. وهذا قصدُ اليهود والمجوس يَدُسُّونَ على المسلمين، جماعةً يَسُبُّونَ الصَّحابةَ، وقصدُهم أَنْ يُبْطِلُوا الشَّريعةَ؛ لأَنَّهم إِذا أَبْطَلُوا حَمَلَتَها ورُوَاتَها وطعنوا في أَفْضلِ الأُمَّة فطعنُهم في غير الصَّحابة من باب أَوْلى.

قوله: «فإِنَّ القُرْآنَ إِلى السُّنَّةِ أَحْوجُ مِن السُّنَّةِ إِلى القُرْآن» القُرْآنُ أَحْوجُ إِلى السُّنَّةِ كما ذكرنا لأَنَّ السُّنَّةَ مبيِّنةٌ ومُفسِّرةٌ للقُرْآن، فهناك أَشْياءٌ مَجْمَلَةٌ في القُرْآن بَيَّنَتْها السُّنَّةُ، اللهُ أَمَرَ بالصَّلاة لكنَّه لم يُبيِّنْ عددَ ركعاتِها، ولم يُبيِّنْ صفةَ الصَّلاة،


الشرح