ولهذا يقول العلاَّمةُ ابنُ القَيِّمِ رحمه الله:
والنَّاسُ مختلفون في القَلَمِ الذي **** كُتِبَ القضاءُ
به مِن الدَّيَّانِ
هلْ كان قبلَ العرشِ أَوْ هو بعدَه **** قولان عند أَبِي
العَلاَ الهَمْذانِي
والحقُّ أَنَّ العرشَ قبلُ لأَنَّه **** قبلَ الكتابةِ
كانَ ذا أَرْكانِ
وكتابةُ القلمِ الشَّريفِ تعقَّبت **** إِيْجادَه مِن
غير فَرْقِ زمانِ
والكلامُ في القَدَرِ قد سبق، ولكنَّ المرادَ الآن النَّهْيُ عن الخَوْضِ
فيه.
قوله: «والكلامُ والجِدالُ والخصومةُ في
القَدَرِ خاصةً منهيٌّ عنه» عرفنا أَنَّ الإِيْمانَ بالقضاءِ والقَدَرِ
بدرجاتِه أَنَّه رُكنٌ من أَرْكانِ الإِيْمان باللهِ عز وجل، فمن لم يؤمنْ
بالقضاءِ والقدرِ فليس بمؤمنٍ؛ لأَنَّه جحد رُكْنًا مِن أَرْكان الإِيْمان.
وكذلك لا يجوز الجِدالُ في القضاءِ والقدرِ، لماذا يُعذِّبُ اللهُ كذا؟
لماذا يفعل اللهُ كذا؟ كما سبق أَنَّه لا يقال: لِمَ؟ وكيفَ؟، فلا يُعْتَرَضُ على
الله سبحانه وتعالى، ولا تَدْخُلْ في القضاءِ والقدرِ بالجِدال فإِنَّكَ لن تصلَ
إِلى نتيجةٍ، عليكَ التَّسْليمُ والإِيْمانُ، ولا تَدْخُلْ في أَمْرٍ من أُمور
الله، هذا لا يعلمه إِلاَّ اللهُ جل وعلا، ولا تنتهي إِلى نتيجةٍ، ولهذا يقال: «الْقَدَرُ سِرُّ اللهِ» فسِرُّ اللهِ لا
يُدْرَكُ ولا يحاط به أَبدًا، فلا تدخلْ فيه، عليكَ أَنْ تؤمنَ بما جاءَ في
النُّصوص من القُرْآن والسُّنَّةِ، وتَقِفَ عند هذا، وتتوجَّهَ إِلى العملِ
الصَّالحِ وتَرْكِ الذُّنوب والمعاصي، ولا تقلْ: إِنْ كان اللهُ قدَّر لي أَنِّي
من أَهْلِ الجَنَّةِ صِرْتُ من أَهْلِ الجَنَّةِ ولو ما عملتُ شيئًا،
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد