×
إِتْحافُ القاري بالتَّعليقات على شرح السُّنَّةِ لِلْإِمَامِ اَلْبَرْبَهَارِي الجزء الأول

 إِنْ كان اللهُ قدَّر لي أَنِّي من أَهْلِ النَّار فسَأَكُونُ من أَهْلِ النَّار، فهذا كلامٌ باطلٌ.

فلا يجوز الدُّخولُ في هذه الأُمورِ؛ لأَنَّ هذا ليس من شَأْنِ العِباد، هذا من شَأْنِ اللهِ، أَنْتَ من شَأْنِكَ العملُ، هذا هو المطلوبُ منك، أَمَّا الدُّخولُ في القضاءِ والقدرِ فهو دخولٌ في متاهةٍ لا يخرج منها العبدُ أَبدًا.

قوله: «مَنْهِيٌّ عنه عند جميع الفِرَق؛ لأَنَّ القدرَ سِرُّ الله» عند جميع الأَُمِم؛ لأَنَّ القدرَ سِرُّ الله، والسِّرُّ لا يمكن الإِحْاطةُ به، اللهُ جل وعلا يقول: ﴿وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيۡءٖ مِّنۡ عِلۡمِهِۦٓ إِلَّا بِمَا شَآءَۚ [البقرة: 255]، ﴿يَعۡلَمُ مَا بَيۡنَ أَيۡدِيهِمۡ وَمَا خَلۡفَهُمۡ وَلَا يُحِيطُونَ بِهِۦ عِلۡمٗا [طه: 110]، لا تدخلْ في شُؤُونِ اللهِ عز وجل، عليكَ بشُؤُونِ نَفْسِك، عليكَ بالعملِ الصَّالحِ وتركِ الذُّنوب، وبالتَّوبةِ منها، وصف حسابك ما دمتَ على قَيْدِ الحياة، اشْتَغِلْ مع نفسك، أَمَّا أَنْ تُشْغِلَ نفسَك بالقضاءِ والقدرِ ولماذا كان؟ ولما يكون؟ وإِنْ كان اللهُ مُقَدِّرَ المقادير فأَنَا لستُ بحاجةٍ للعمل، هذا كلُّه كلامٌ باطلٌ، ولا قيمةَ له، ولمَّا قال الصَّحابةُ للرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم: أَفَلاَ نَتَّكِلُ عَلَى كِتَابِنَا ؟ ما قُدِّرَ لنا، قال: «اعْمَلُوا فَكُلٌّ مُيَسَّرٌ لِمَا خُلِقَ لَهُ» فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿إِنَّ سَعۡيَكُمۡ لَشَتَّىٰ ٤فَأَمَّا مَنۡ أَعۡطَىٰ وَٱتَّقَىٰ ٥وَصَدَّقَ بِٱلۡحُسۡنَىٰ ٦فَسَنُيَسِّرُهُۥ لِلۡيُسۡرَىٰ ٧وَأَمَّا مَنۢ بَخِلَ وَٱسۡتَغۡنَىٰ ٨وَكَذَّبَ بِٱلۡحُسۡنَىٰ ٩فَسَنُيَسِّرُهُۥ لِلۡعُسۡرَىٰ ١٠ [الليل: 4- 10] ([1])، فأَنْتَ تفعل السَّببَ إِمَّا في نجاة نفسك،


الشرح

([1])  أخرجه: البخاري رقم (4661)، ومسلم رقم (2647).