وأَمَّا المِعْراجُ: فقد عُرِجَ بِهِ من بَيْتِ المَقْدِسِ إِلى السَّماءِ،
وَجَاوَزَ السَّبْعَ الطِّباقَ وانْتَهَى إِلى سِدْرَةِ المُنْتَهَى، وسمِع كلامَ
الله سبحانه وتعالى، وأَمَرَهُ بالصَّلاة، ورَأَى في هذه اللَّيلةِ الجَنَّةَ
والنَّارَ، ورَأَى في هذه اللَّيلةِ الرُّسُلَ والأَنْبياءَ في السَّماوات،
وجَمَعَهُمُ اللهُ له، وصلَّى بهم؛ إِظْهارًا لفَضْلِه عليهم، وفَرَضَ اللهُ عليه
الصَّلواتِ الخمسَ وهو في السَّماءِ، ثم نزل عليه الصلاة والسلام إِلى بيتِ
المَقْدِسِ، ثم جاءَ من بيتِ المَقْدِسِ إِلى مَكَّةَ في ليلةٍ واحدةٍ، وأَصْبَحَ
في مَكَّةَ عليه الصلاة والسلام.
وكان الإِسْراءُ والمِعْراجُ بجِسْمِه ورُوْحِه، لم يكنْ برُوحِه فقط كما
يقوله بعضُ المُنْكرِين أَوْ المستغربين لهذا الشَّيءِ، ويقولون إِنَّه أُسْرِيَ
برُوْحِهِ دون جِسْمِه. وليس الإِسْراءُ مَنَامًا يعني حُلْمًا، ولكنَّه يقظةً،
أُسْرِيَ به صلى الله عليه وسلم في اليقظة وليس مَنَامًا، وهو معجزةٌ من معجزاته
صلى الله عليه وسلم، قال تعالى: ﴿سُبۡحَٰنَ
ٱلَّذِيٓ أَسۡرَىٰ بِعَبۡدِهِۦ لَيۡلٗا مِّنَ ٱلۡمَسۡجِدِ ٱلۡحَرَامِ إِلَى ٱلۡمَسۡجِدِ
ٱلۡأَقۡصَا ٱلَّذِي بَٰرَكۡنَا حَوۡلَهُۥ﴾ لأَيِّ شيءٍ؟ ﴿لِنُرِيَهُۥ مِنۡ
ءَايَٰتِنَآۚ إِنَّهُۥ هُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلۡبَصِيرُ﴾ [الإسراء: 1]،
ورَأَى في هذه اللَّيلةِ العجائِبَ، كما قال تعالى: ﴿لَقَدۡ
رَأَىٰ مِنۡ ءَايَٰتِ رَبِّهِ ٱلۡكُبۡرَىٰٓ﴾ [النجم: 18]، وفي
سورة الإسراء يقول: ﴿لِنُرِيَهُۥ مِنۡ
ءَايَٰتِنَآۚ﴾ فرَأَى صلى الله عليه وسلم من آياتِ الله في هذه
الرِّحْلةِ المباركةِ ما رَأَى، فيجب على المسلم أَنْ يؤمنَ بذلك، وأَنْ يَصْدُقَ
به، وأَنْ لا يعتريه أَدْنى شكٍّ في ذلك، ومن أَنْكَرَهُ فإِنَّه يكون كافرًا؛
لأَنَّه مُكذِّبٌ للهِ ومُكذِّبٌ للرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم، ومُكذِّبٌ
لإِجْماع المسلمين.
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد