قال
المُؤَلِّفُ رحمه الله: واعلمْ أَنَّ اللهَ فضلَّ العبادَ بعضَهم على بعضٍ في الدُّنْيا
والآخرةِ، عدلاً منه، لا يقال: جَارَ ولا حَابَى، فمَن قال: إِنَّ فضلَ الله على المؤمن
والكافرِ سواءٌ فهو صاحبُ بِدْعةٍ، بل فضَّل اللهُ المؤمنَ على الكافر. والطَّائِعَ
على العاصي، والمعصومَ على المخذول، عدلاً منه، هو فضلُه يُعطيه من يشاءُ ويمنعه من
يشاءُ.
**********
قوله: «واعلمْ أَنَّ اللهَ فضَّل
العبادَ بعضَهم على بعضٍ في الدُّنْيا والآخرةِ» النَّاسُ فضَّل اللهُ بعضَهم
على بعضٍ، فضَّل المؤمنَ على الكافرِ بما أَعْطاه من الإيمانِ بسبب إِيْمانه،
وحرَّم الكافرَ بسبب كفرِه، وفضَّل اللهُ المؤمنين بعضَهم على بعضٍ، والرُّسُلَ
فضَّل اللهُ بعضَهم على بعضٍ ﴿تِلۡكَ ٱلرُّسُلُ
فَضَّلۡنَا بَعۡضَهُمۡ عَلَىٰ بَعۡضٖۘ﴾ [البقرة: 253]، فهذا فضلُ
اللهِ يُؤْتيه مَن يشاءُ سبحانه وتعالى، ولا أَحدٌ يعترض على الله لأَنَّ هذا
مُلْكُهُ سبحانه، يعطيه مَن يشاءُ.
فالمُلْكُ مُلْكُهُ يُؤْتيه مَن يشاءُ سبحانه، والفضلُ فضلُه يُعطيه مَن
يشاءُ، فلا اعتراضَ على الله سبحانه وتعالى. المعتزلةُ يقولون: يجب على الله أَنْ
يعدلَ بين النَّاس ويُعطيهم سواءً، وهذا سوءُ أَدبٍ مع الله واعتراضٌ عليه، تعالى
الله عمَّا يقولون عُلُوًّا كبيرًا. فاللهُ جل وعلا يُفضِّلُ بعضَ خلقِه على بعضٍ،
وهذا مُلْكُه لا اعتراضَ عليه، لا يُعذِّبُ أحدًا بغير جريمتِه؛ لأَنَّ هذا يُنافي
العدلَ واللهُ لا يظلم، فلا يُعذِّبُ أَحدً من دون جُرْمٍ، أَوْ يُعذِّبُ أَحدًا
بجَريمةِ غيرِه، ﴿وَلَا تَزِرُ
وَازِرَةٞ وِزۡرَ أُخۡرَىٰۚ وَإِن تَدۡعُ مُثۡقَلَةٌ إِلَىٰ حِمۡلِهَا لَا يُحۡمَلۡ
مِنۡهُ شَيۡءٞ وَلَوۡ كَانَ ذَا قُرۡبَىٰٓۗ﴾ [فاطر: 18]، فاللهُ
جل وعلا من ناحيَّة
الصفحة 1 / 260
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد