النَّصيحةُ للهِ ولرَسُولِه هذا في العقيدة؛ فلا يكون الإِنْسانُ مُسْلِمًا
إِلاَّ إِذا كانت عقيدتُه سليمةً، وخاليةً من الشِّرْكِ، وكان عملُه خاليًا من
البِدَع، مُتَّبِعًا للرَّسُول صلى الله عليه وسلم. فهذا هو النَّاصحُ للهِ
ولرَسُولِه: الذي يكون عملُه خاليًا من الشِّرْك، وخاليًا من البِدَع.
والنُّصْحُ للرَّسُول صلى الله عليه وسلم: هو الإِيْمانُ برسالتِه،
ومحبَّتُه وتوقيرُه واحْترامُه عليه الصلاة والسلام، واتِّباعُه، والاقتداءُ به،
وتقديمُ قولِه على قولِ كلِّ أَحدٍ، وتركُ البِدَع والمُحْدثاتِ التي حذَّر منها
رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم، وتصديقُه فيما أَخْبَرَ من المُغيَّباتِ
الماضيةِ والمستقبلةِ، واجْتنابُ ما نَهَى عنه صلى الله عليه وسلم. هذه النَّصيحةُ
للرَّسُول صلى الله عليه وسلم.
قوله: «وَلِكِتَابِهِ» كتابُ اللهِ
عز وجل، هو القُرْآنُ، بأَنْ تؤمنَ بأَنَّه كلامُ الله مُنزَّلٌ، غيرُ مخلوقٍ، لا
كلامَ غيرِه، كما يقوله أَهْلُ الضَّلال، وأَنْ تتعلَّمه وتُعَلِّمُه، وأَنْ تعملَ
به، وأَنْ تتفقَّه في معانيه، وتتدبَّره هذه النَّصيحةُ لكتابِ الله سبحانه وتعالى،
تَعَلُّمًا وتَعْلِيْمًا، وفَهْمًا، وفِقْهًا، وعَمَلاً به. وكذلك من النَّصيحةِ
لكتابِ الله: الإِكْثارُ من تلاوتِه، وعدمُ الغفلةِ عنه.
والنَّصيحةُ «لأَِئِمَّةِ
الْمُسْلِمِينَ» وهُمْ الأُمراءُ والوُلاةُ بأَنْ تُطيعَهم في غيرِ معصيةِ
الله سبحانه وتعالى، ولا تنزعْ يدًا من طاعةٍ، ولا تخرجْ عليهم، ولا تتلمسْ
أَخْطاءَهم وعوراتِهم وتُفْشِيها بين النَّاس.
ومن النَّصيحةِ لهم: إِذا كان عندك عِلْمٌ وقُدْرَةٌ أَنْ تنصحَهم فيما
بينك وبينهم، تُوصِّلُ إِليهم النَّصيحةَ، وتُبلِّغُهم بالأَخْطاءِ التي تحصل منهم
أَوْ مِن رَعِيَّتِهم تُبلِّغُهم بذلك، ولا تتحدَّثْ بها في المجالس،
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد