قال
المُؤَلِّفُ رحمه الله: واعلمْ - رحمك اللهُ - أَنَّه ينبغي للعبد أَنْ تَصْحَبَهُ
الشَّفقةُ أَبدًا ما صحِب الدُّنْيا؛ لأَنَّه لا يدري على ما يموت، وبم يُخْتَمُ له،
وعلى ما يلقى اللهَ عز وجل، وإِنْ عمل كلَّ عملٍ من الخير، وينبغي للرَّجُلِ المسرفِ
على نفسه أَنْ لا يقطعَ رجاءَه من الله تعالى عند الموت، ويحسن ظَنَّه بالله، ويخاف
ذُنوبَه، فإِنْ رحمه الله فبفضلٍ، وإِنْ عذَّبه فبذنبٍ.
**********
أَنْ يكونَ بعد اختياره لا
مُجْبَرًا على ذلك؛ لأَنَّ إِجْبارَه ظلمٌ، إِلاَّ إِذا كان إِجْبارُه بحقٍّ كأَنْ
يكونَ عليه دُيُونٌ وأَبَى أَنْ يُسدِّدَ، فإِنَّ الحاكمَ يتدخَّل فيبيعُ من مالِه
ما يُسدِّدُ به دُيونَه ولو لم يرضَ بذلك؛ لأَنَّ هذا إِكْراهٌ بحقٍّ، ولهذا
قالوا: لا يَصِحُّ بيعُ المُكْرَهِ إِلاَّ بحقٍّ.
هذه مسأَلةٌ عظيمةٌ وهي: أَنَّ المؤمنَ يجمع بين الخوف والرَّجاءِ فيسير في
أَعْماله بين الخوف والرَّجاءِ، فلا يخاف فقط ويَقْنَطُ من رحمةِ الله قال تعالى: ﴿إِنَّهُۥ لَا يَاْيَۡٔسُ
مِن رَّوۡحِ ٱللَّهِ إِلَّا ٱلۡقَوۡمُ ٱلۡكَٰفِرُونَ﴾ [يوسف: 87]، وقال
تعالى: ﴿قَالَ وَمَن
يَقۡنَطُ مِن رَّحۡمَةِ رَبِّهِۦٓ إِلَّا ٱلضَّآلُّونَ﴾ [الحجر: 56]. ﴿قُلۡ يَٰعِبَادِيَ ٱلَّذِينَ
أَسۡرَفُواْ عَلَىٰٓ أَنفُسِهِمۡ لَا تَقۡنَطُواْ مِن رَّحۡمَةِ ٱللَّهِۚ إِنَّ ٱللَّهَ
يَغۡفِرُ ٱلذُّنُوبَ جَمِيعًاۚ إِنَّهُۥ هُوَ ٱلۡغَفُورُ ٱلرَّحِيمُ﴾ [الزمر: 53]، فلا
يخاف خوفًا زائِدًا يُقْنِطُهُ من رحمةِ اللهِ عز وجل، فهذا خوفٌ مذمومٌ، وكذلك
يرجو اللهَ عز وجل، لكنْ لا يُخرجه الرَّجاءُ إِلى أَنْ يَأْمَنَ من مَكْرِ الله،
بلْ يكون خائِفًا من مَكْرِ الله، ومَكْرُ الله جل وعلا يليق به وهو من كماله، ليس
هو كَمَكْرِ المخلوق، المَكْرُ في اللُّغة: هو إِيْصالُ الأَذَى إِلى الغير
بخُفْيَةٍ، بحيث لا يشعر بذلك، فإِذا كان هذا بحقٍّ فإِنَّه عدلٌ،
الصفحة 1 / 260
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد