وهذا هو مكرُ الله سبحانه وتعالى، فإِنَّه يمكر بالظَّالمين والفاسقين،
فيُوصِلُ إِليهم العقوبةَ من حيث لا يشعرون، وهذا عدلٌ منه سبحانه يُحْمَدُ عليه.
أَمَّا إِذا كان إِيْصالُ الأَذى إِلى الغير بغير حقٍّ فهذا ظلمٌ ولا يجوز، وهذا هو مكرُ المخلوقين، أَمَّا مكرُ الخالق جل وعلا فهو محمودٌ؛ لأَنَّه عدلٌ وقِسْطٌ منه سبحانه وتعالى، فهذا فرقٌ بين الأَمْرين، بين مكرِ الله ومكرِ المخلوق، ﴿وَمَكَرُواْ وَمَكَرَ ٱللَّهُۖ وَٱللَّهُ خَيۡرُ ٱلۡمَٰكِرِينَ﴾ [آل عمران: 54]، هذا من باب الجزاءِ لهم، فهو ليس ظلمًا منه سبحانه وتعالى، وإِنَّما هو مُرتّبٌ على مكرِهم، مَكَرُوا ومَكَرَ اللهُ بِهم عقوبةً لهم، وهذا عدلٌ منه سبحانه وتعالى، وفي حديث: «إِنَّ أَحَدَكُمْ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ حَتَّى مَا يَكُونُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا إِلاَّ ذِرَاعٌ، فَيَسْبِقُ عَلَيْهِ الْكِتَابُ، فَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ، فَيَدْخُلُهَا» يدخل النَّارَ بسبب أَنَّه عمل بعملِ أَهْلِ النَّار، والجزاءُ مُرتّبٌ على العمل، ولما كانت خاتمتُه أَنَّه يعمل عملَ أَهْلِ النَّار دخل النَّارَ، والعكسُ: «وَإِنَّ أَحَدَكُمْ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ، حَتَّى مَا يَكُونُ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ إِلاَّ ذِرَاعٌ، فَيَسْبِقُ عَلَيْهِ الكِتَابُ، فَيَعْمَلُ عَمَلَ أَهْلِ الجَنَّةِ فَيَدْخُلُهَا» ([1]) يدخلها بأَنَّه عمل بعملِ أَهْل الجَنَّةِ، ومات عليه. فالنَّارُ لا تُدْخَلُ إِلاَّ بعملٍ، والجَنَّةُ لا تُدْخَلُ إِلاَّ بعملٍ والأَعْمالُ بالخواتيم. فلا يَغْتَرَّ الإِنْسانُ بصلاحه واستقامتِه ويَأْمَنُ من الزَّيْغ، كم زاغ من مؤمنٍ ومن مسلمٍ ومن عالمٍ، اللهُ جل وعلا أَزَاغَهم لمَّا حصل منهم ما حصل من المخالفات، فلا يَأْمَنِ الإِنْسانُ على نفسه ويُزكِّي نفسَه، فلا يَأْمَنْ من الزَّيْغ ويخالطِ الأَشْرارَ،
([1]) أخرجه: البخاري رقم (3154)، ومسلم رقم (2643).
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد