قوله: «ووضعوا القياسَ» القياس يعني
في العقيدةَ، لأَنَّ العقيدةَ ليس فيها قياسٌ، لأَنَّها توقيفيَّةٌ لا يعمل إِلاَّ
بما دلَّ عليه الدَّليلُ ولا يُقاس في العقائِدِ، القياسُ إِنَّما هو في الفقه.
قوله: «وحملوا قُدْرَةَ الرَّبِّ
وآياتِه وأَحْكامَه وأَمْرَهُ ونَهْيَهُ على عقولهم وآرائِهم» هذا هو القياسُ
الباطلُ، القياسُ في حقِّ الله جل وعلا، الذي لا تتصوَّره عقولُهم وآراؤُهم،
فإِنَّهم يَرُدُّونَ بقياس عقولِهم كلامَ الله وكلامَ رَسُولِه.
قوله: «فما وافق عقولَهم قَبِلُوهُ، وما
خالف عقولَهم رَدُّوهُ» فهُمْ يحكمون عقولَهم وآراءَهم؛ فما خالفها رَدُّوهُ؛
إِمَّا بالتَّأْويل، وإِمَّا بالرَّفْض وعدمِ القبول.
قوله: «فصار الإِسْلامُ غريبًا، والسُّنَّةُ غريبةً، وأَهْلُ السُّنَّةِ غُرَباءُ في جوفِ دِيارهم»؛ كما قال صلى الله عليه وسلم: «بَدَأَ الإِْسْلاَمُ غَرِيبًا وَسَيَعُودُ غَرِيبًا كَمَا بَدَأَ، فَطُوبَى لِلْغُرَبَاءِ» ([1]) فَقِيلَ: مَنْ الْغُرَبَاءُ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: «الَّذِينَ يُصْلِحُونَ إِذَا فَسَدَ النَّاسُ» ([2]) وفي روايةٍ: «يُصْلِحُونَ مَا أَفْسَدَ النَّاسُ» ([3]) يُصلحون بأَنْفُسِهم ويُصلحون ما أَفْسَدَ النَّاسُ، هؤُلاءِ هُمُ الغُرَباءُ، لماذا سُمُّوا غُرباءَ؟ لأَنَ من يخالفهم كثيرٌ، ومن ينكر عليهم كثيرٌ، فهُمْ غُرباءُ بين مواطنيهم ومعاصريهم.
([1]) أخرجه: مسلم رقم (145).
الصفحة 2 / 260
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد