يُصْبِحُ ماءً طَهورًا؛ لأنَّ النَّجاسَةَ
تلاشَتْ فيهِ، وتحوَّلَ مِن كَوْنِه قَليلاً، إلى كَثِيرٍ غيرِ مُتَغيِّرٍ، فيكون
طَهورًا.
الأمْرُ الثَّاني: أن يَزولَ تغيُّرُ
النَّجِسِ الكثيرِ، بنَفْسِهِ؛ لأنَّ النَّجاسَةَ الَّتي أصَابَتْهُ زالَتْ وعادَ
إلى أصْلِهِ.
أمَّا إذا زالَ
تغيُّرُه بسبَبِ مُعالَجَةٍ؛ فإنَّه لا يَزالُ نَجِسًا ولو زَالَتْ آثَارُ
النَّجاسَةِ.
ومِثْلُ ذلكَ: قَضيَّةُ
مُعالَجَةِ المِياهِ النَّجِسَةِ، والمَجارِي، حتَّى تَرْجِعَ صافيَةً، يقولون:
لاَ؛ هذا نَجِسٌ؛ لأنَّه ما ارْتَفَعَتْ منْه النَّجاسَةُ بنَفْسِها، وإنَّما
بسَبِبِ فِعْلِ الآدَمِيّ، بمُعالجَةٍ، والمُعالَجَةُ لا تُحوِّلُ النَّجِسَ إلى
طاهِرٍ لكن يُمْكِنُ أن يُسْتَعمَلَ لسَقْي الأشْجَارِ، وسَقْيِ الحَدائِقِ.
الأمْرُ الثَّالثُ: أن يُنزَحَ -
يعْني: يُسْحَبَ - منْه ماءٌ، فيَبْقَى بعْدَ النَّزْحِ ماءٌ كثيرٌ غيرُ مُتَغيِّرٍ؛
لأنَّ الماءَ النَّجِسَ نُقِلَ بالنَّزْحِ وخَلَّفَهُ ماءٌ طَهورٌ.
وقولُه: «غيرُ تُرابٍ ونَحْوِه» أي ما كانَ منْ جِنْسِ التُّرابِ كالحَصَى، والآجُرِّ ([1])، والأجْزاءِ الأرْضيَّةِ، والمائِعاتِ الطَّاهرَةِ، فإنْ أُضِيفَ أحَدُ هذهِ الأشياء إلى الماءِ الكَثيرِ المُتَنَجِّسِ لم يطهُرْ بإضافَتِها إليهِ؛ لأنَّ هذهِ الأشياءَ لا تَدْفَعُ النَّجاسَةَ عن نَفْسِها، فلا تَدْفَعُ النَّجاسَةَ عن غيرِها من بابِ أَوْلَى.
([1])قال في «الصحاح»: والآجرُّ: الذي يبنى به، فارسي معرّب. ويقال أيضًا آجور على فاعولٍ (2/ 576).