ومَن لَزِمه الغُسلُ حَرُمَ عَلَيه قِراءَة القُرآنِ، ويَعبُر المَسجِد
لحَاجَةٍ ولا يَلبَثُ فيه بغَيرِ وُضوءٍ.
****
«ومَن لَزِمه الغُسلُ حَرُم عَلَيه» مَن
يَلزَمُه الغُسلُ تَحرُم عَلَيه أَشياءُ:
الأوَّل: «قراءة القرآن»
سواءٌ من المُصحَف أو عن ظَهْر قَلْب؛ لأنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم كان
يَقرَأُ القُرآنَ ما لم يَكُن جُنُبًا ([1])، فكانت الجَنابَة
تَحبِسُه صلى الله عليه وسلم عن قِراءَة القُرآنِ، فدلَّ على أنَّ مَنْ عَلَيه
حَدَث أكبَرُ من جَنابَة أو حَيضٍ أو نِفاسٍ فإنَّه لا يَقرَأ القُرآنَ.
الثَّانِي: «ويَعبُرُ
المَسجِدَ لحَاجَةٍ» اللُّبْثُ فِي المَسجِد؛ لأنَّ النبيَّ صلى الله عليه
وسلم مَنَعَ الحائِضَ والجُنُبَ من اللُّبثِ فِي المَسجِد ([2]).
وأمَّا مُجرَّد
المُرورِ فلا بأس به، لَكِنْ إن أَرادَ أن يَجلِس؛ فإنَّه لا يَجوزُ له ما دام
عَلَيه حدثٌ أكبَرَ؛ وذَلِكَ لقَولِه تَعالَى: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَا تَقۡرَبُواْ ٱلصَّلَوٰةَ
وَأَنتُمۡ سُكَٰرَىٰ حَتَّىٰ تَعۡلَمُواْ مَا تَقُولُونَ وَلَا جُنُبًا إِلَّا
عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّىٰ تَغۡتَسِلُواْۚ﴾ [النساء: 43]،
فيَجُوز لِمَن دَخَل من بَابٍ ليَخرُج من البابِ الآخَرِ، ولا مانِعَ من ذلك
العُبورِ.
ولأنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال لعائِشَة - وهي حائِضٌ -: «نَاوِلِينِي الْخُمْرَةَ مِنَ الْمَسْجِدِ»، - والخُمرَة فراشٌ يُصلَّى عَلَيه - قَالَتْ: إِنِّي حَائِضٌ. فَقَالَ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ حَيْضَتَكِ لَيْسَتْ فِي يَدِكِ» ([3]).
([1])أخرجه: أبو داود رقم (229)، والترمذي رقم (146)، وابن ماجه رقم (594)، وأحمد رقم (627).
الصفحة 6 / 380