×
الشرح المختصر على متن زاد المستقنع الجزء الأول

ولا استِحَالَةٍ، غَيرِ الخَمْرَة.

****

ولمَّا سُئِل النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم عن ذَيلٍ يَمُرُّ على الأَرضِ النَّجِسَة قال: «يُطَهِّرُهُ مَا بَعْدَهُ» ([1]).

يعني: يَمُرُّ عَلَى الأَرضِ النَّجِسَة، ويَمُرُّ على أَرضٍ طاهِرَةٍ، فيتطهَّر بِذَلِك.

فدلَّ عَلَى أنَّه تَزُول النَّجاسَة بغَيرِ الماءِ، كالشَّمسِ، والرِّيحِ، والمُرورِ على مَحَلٍّ طاهِرٍ، والدَّلْكِ.

«ولا استِحالَةٍ» الاستِحالَة: تَحَوُّل الشَّيءِ من حَالةٍ إلى حَالَةٍ، مثلاً: النَّجاسَة إذا أُوقِدت بالنَّار فتَصاعَد منها دُخانٌ واستَحالَت إلى رمادٍ، فالرَّماد هَذَا نَجِس؛ نَظَرًا لأنَّ أَصلَهُ نَجِس.

والقَولُ الثَّانِي: أنَّ الاستِحالَة تُطَهِّر النَّجِسَ، فإذا تحوَّلت النَّجاسَة إلى رمادٍ، فهَذَا الرَّمادُ طاهِرٌ، أو تحوَّلت النَّجاسَة إلى ثَمَرٍ، وإلى خُضارٍ، بأن سُمِّدَت هَذِه الأشياءُ بالنَّجاسَة وتحوَّلت إلى نَباتاتٍ وثَمَر، فهَذِه الأَشياءُ تَكُون طاهِرةً وتُؤكَل.

قال: «غير الخَمْرَة» الخَمْرُ هو المُسْكِر، والخَمْرُ نَجِس؛ لقَولِه سبحانه وتعالى: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ إِنَّمَا ٱلۡخَمۡرُ وَٱلۡمَيۡسِرُ وَٱلۡأَنصَابُ وَٱلۡأَزۡلَٰمُ رِجۡسٞ مِّنۡ عَمَلِ ٱلشَّيۡطَٰنِ فَٱجۡتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمۡ تُفۡلِحُونَ [المائدة: 90].

فسمَّاه رِجْسًا، والرِّجْس النَّجِس، وقال: ﴿فَٱجۡتَنِبُوهُ، فأمر باجتِنَابِه، فدلَّ عَلَى أنَّ الخَمْرَ نَجِس؛ لأنَّه مُسكِر.


الشرح

([1])أخرجه: أبو داود رقم (383)، والترمذي رقم (143)، وابن ماجه رقم (531).