وما لا نَفسَ له سائِلَة متولِّد من طَاهرٍ.
****
بابِ التَّخفيفِ على المسلمينَ، وإلاَّ فالاستجمارُ
لا يزيلُ النَّجاسةَ نهائيًّا كما يزيلُهَا الماءُ.
وقوله: «بمحَلِّه»
يعني: بشرطِ أن يكونَ هذا الأثَرُ على محلِّ الخارجِ لا يتجاوَزُهُ، فإن تجاوزَ
إلى الفخذِ أو إلى غيرِهِ، لم يُعفَ عنه.
«ولا ينجسُ الآدميُّ
بالموتِ» الآدميُّ سواء كانَ مسلمًا أو كافرًا لا ينجسُ بالموتِ، فجثَّةُ الآدميِّ
طاهرةٌ؛ لأنَّ جسمَهُ في الحياةِ طاهرٌ، قالَ اللَّه جل وعلا: ﴿وَلَقَدۡ كَرَّمۡنَا بَنِيٓ
ءَادَمَ﴾ [الإسراء: 70].
وقال النَّبيُّ صلى
الله عليه وسلم لأبي هريرةَ - لمَّا تأخَّر عن الرَّسولِ صلى الله عليه وسلم -
فقال: «مَا حَبَسَكَ؟» قال: إِنِّي كُنْتُ جُنُبًا، فقال النَّبيُّ صلى
الله عليه وسلم: «إِنَّ الْمُؤْمِنَ لاَ يَنْجُسُ» ([1]).
فدلَّ على أنَّ
الآدميَّ طاهرٌ حيًّا وميِّتًا، وتغسيلُهُ ليسَ من أجلِ النَّجاسةِ، ولا من أجلِ
الحدَثِ، وإنَّما هو أمرٌ تعبُّديٌّ.
«وما لا نفسَ له
سَائلة متولِّد من طَاهرٍ» كذلك من الأشياءِ الطَّاهرةِ: الحشَراتُ الَّتِي ليسَ
فيها نفسٌ سائلةٌ، والنَّفسُ السَّائلةُ: هي الدَّمُ، فكلُّ الحشراتِ الَّتِي ليسَ
فيها دمٌ؛ فإنَّها طاهرةٌ، إذا ماتَتْ في الماءِ فإنَّه لا ينجسُ، كالجعلان والخنَافِس،
والعناكِبِ، وسائرِ الحشراتِ الَّتِي ليسَ فيها دمٌ.
وذلكَ؛ لقولِهِ صلى الله عليه وسلم: «إِذَا وَقَعَ الذُّبَابُ فِي شَرَابِ أَحَدِكُمْ فَلْيَغْمِسْهُ ثُمَّ لِيَطْرَحْهُ» ([2]).
([1])أخرجه: البخاري رقم (279)، ومسلم رقم (371).