وبولُ ما يؤْكَلُ
لحمُهُ، وروثُهُ، ومنيُّه، ومنِيُّ الآدميِّ.
****
فأمَرَ بغمسِ
الذُّبابِ، ومن المعلومِ أنَّ الذُّبابَ إذا غُمِسَ في الماءِ الحارِّ ماتَ، ومع
هذا قالَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم: «فلْيَطْرَحْهُ»، فدلَّ على أنَّ
ما لا دمَ فيه لا ينجِّسُ الماءَ إذا ماتَ فيه.
هذا بشرطِ أن تكونَ
هذه الحشراتُ متخلقةً من شيءٍ طاهرٍ، فيخرج بذلك الحشراتُ المتخلِّقةُ من الأشياءِ
النَّجسةِ، كصرصارِ الكُنُفِ.
أمَّا ما فيه دمٌ؛
فإنَّهُ إذا ماتَ في الماءِ ينجِّسه؛ لأنّه أصبحَ جيفةً، والجيفةُ نجسةٌ، فإذا
ماتَ حيوانٌ في الماءِ تنجَّس الماءُ.
«وبولُ ما يؤْكَلُ
لحمُهُ وروَثُهُ» كالإبلِ والبقرِ والغنمِ والصَّيدِ، الَّذِي يؤْكَلُ لحمُهُ بولُهُ
طاهِرٌ، وكذلِكَ روَثُهُ، لو أصابَ الثَّوبَ أو غيره؛ فإنَّهُ لا ينجسُ.
ذلك؛ لأنَّ
النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم أمَرَ المصابين بالحُمَّى بأنْ يلحَقُوا بإبلِ
الصَّدقةِ، وأنْ يشرَبُوا من أبْوَالِها وألبانِهَا للعلاجِ ([1])، فدلَّ على أنَّ
بولَ الإبلِ طاهِرٌ؛ لأنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم أمرَ بالشُّربِ منه، ولا
يأمرُ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم بشربِ شيءٍ نجسٍ.
وكذلك؛ صلَّى النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم في مرابضِ الغنمِ ([2])، ولا شكَّ أنَّ مرابِضَها يصيرُ فيها بولٌ، ويصيرُ فيها روَثٌ لها، فدلَّ هذَا على طهارةِ روثِ وبولِ ما يُؤْكلُ لحْمُهُ، وكذلك منِيُّ الحيواناتِ المأكُولة، كالإبلِ والبقرِ والغنمِ؛ طاهِرٌ.
([1])أخرجه: البخاري رقم (231)، ومسلم رقم (1671).