فَهُوَ سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ عِنْدَ الجُمهورِ،
ويرَى أبو حنيفةَ رحمه الله أنَّهُ واجِبٌ ([1])، واختارَ شيخُ
الإسلامِ أنَّهُ واجِبٌ عَلَى مَنْ يقُومُ مِنَ اللَّيلِ ([2])؛ فإنَّهُ يَجْعَلُ
آخِرَ صَلاتِه وَتْرًا؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «اجْعَلُوا آخِرَ
صَلاَتِكُمْ بِاللَّيْلِ وِتْرًا» ([3]).وَالنَّبِيُّ صلى
الله عليه وسلم لم يَكُنْ يترُكِ الوَتْرَ، لاَ فِي حضَرٍ، ولاَ فِي سفَرٍ،
فَدَلَّ ذلكَ عَلَى تأكُّدِهِ، وبعضُ النَّاسِ يتساهَلُ فِيه.
ومَنْ يَثِقْ مِن
قيامِهِ آخِرَ اللَّيلِ فالأفضلُ أنْ يجعَلَهُ آخِرَ اللَّيلِ.
ومَنْ لَمْ يَثِقْ
مِن قيامِهِ؛ فإنَّهُ يُوتِرُ أوَّلَ اللَّيلِ؛ لأَِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه
وسلم أمرَ أبا هُريرَةَ أنْ يُوتِرَ قبلَ أنْ ينامَ.
ودُعاءُ القُنوتِ
الواردِ فِي حديثِ الحسنِ بنِ عليٍّ رضي الله عنه، أنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه
وسلم علَّمَهُ هَذَا الدُّعاءَ ([4])، فَيُستَحَبُّ أنْ
يَدْعُوَ بهِ المُسلِمُ.
«اللَّهُمَّ
اهْدِنِي فِيمَنْ هَدَيْتَ» الهِدايَةُ نَوْعانِ؛ هِدايَةُ دَلالَةٍ وَإرِشْادٍ،
وهِدايَةُ تَوفِيقٍ وإلهامٍ، فقولُه: «اللَّهُمَّ اهْدِنِي». يشْمَلُ النَّوعيْنِ؛
اللَّهُمَّ دُلَّنِي، وأرشِدْنِي، وثبِّتْنِي، وأَلهِمْنِي رُشْدًا.
«وعَافِنِي فِيمَنْ عافَيْتَ» عافِني مِن الأمراضِ والأسقامِ، ومِنَ الهُمومِ والأحزانِ، وأعْظَمُ ذلكَ: عافِنِي مِن الفِتَنِ فِي الدِّينِ والدُّنيا، فِتْنَةِ الشَّهَواتِ وفِتْنَةِ الشُّبُهاتِ؛ فإنَّ المُعافاةَ منها هيَ أعظَمُ المُعافاةِ.
([1])انظر: «المغني» (2/ 591).