«وَتَوَلَّنِي
فِيمَنْ تَوَلَّيْتَ» «توَلَّنِي»: تولَّ شأْنِي وأمْرِي فِي الدِّلالَةِ
والإرْشادِ والحِفْظِ والرِّعايَةِ، ومَنْ تولاَّهُ اللهُ عز وجل فإنَّهُ لاَ خوْف
عليه ﴿ٱللَّهُ وَلِيُّ
ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ يُخۡرِجُهُم مِّنَ ٱلظُّلُمَٰتِ إِلَى ٱلنُّورِۖ وَٱلَّذِينَ
كَفَرُوٓاْ أَوۡلِيَآؤُهُمُ ٱلطَّٰغُوتُ﴾ [البقرة: 257].
فمَنْ توَلاَّهُ
اللهُ جل وعلا فإنه سعيدٌ فِي الدُّنيا والآخِرَة.
«وَبارِكْ لِي
فِيمَا أَعْطَيْتَ» كذلك بارِكْ لِي فِيمَا أعطَيْتَ، يعْنِي: زِدْهُ
ونَمِّهِ، و«البرَكَةُ»: هي الزِّيادَةُ والنَّماءُ والطَّهارَةُ.
قد يكونُ المالُ
قليلاً، ويُبارِكُ اللهُ فِيه، ويكونُ خيرًا كثيرًا، ويسعدُ به صاحِبُه فِي
الدُّنيا والآخرة، وقد يكونُ كثيرًا، ويكونُ شقاءً عَلَى صاحبهِ وعذابًا عَلَى
صاحبِهِ، يكونُ مَنْزُوعَ البرَكَةِ، لاَ يستفِيدُ مِنهُ، لاَ فِي دُنياهُ ولاَ
فِي آخرَتِه، وإنَّمَا يتْعَبُ، ويشْقَى فِي جمعِه وتحصِيلِه، وفِي مُراعاتِه
وحِفْظِه، ولاَ يستفِيدُ مِنه.
«وَقِنِي شَرَّ مَا
قَضَيْتَ» اللهُ قدَّر الخيرَ، وقدَّرَ الشَّرَّ، فأنتَ تسألُ اللهَ أن يُقدِّرَ لك
الخيرَ، وأن لاَ يقدِّرَ عليكَ الشَّرَّ، وإنَّمَا يُقدِّرُ الشَّرَّ عَلَى بعضِ
النَّاسِ لأعمالِهِمُ السَّيِّئَةِ، فهم السَّببُ فِي ذلك ﴿فَأَمَّا مَنۡ أَعۡطَىٰ وَٱتَّقَىٰ ٥ وَصَدَّقَ بِٱلۡحُسۡنَىٰ ٦ فَسَنُيَسِّرُهُۥ
لِلۡيُسۡرَىٰ ٧ وَأَمَّا مَنۢ بَخِلَ وَٱسۡتَغۡنَىٰ ٨ وَكَذَّبَ بِٱلۡحُسۡنَىٰ ٩ فَسَنُيَسِّرُهُۥ
لِلۡعُسۡرَىٰ﴾ [الليل: 5- 10]، فالعبد هو السَّببُ.
«إِنَّكَ تَقْضِي وَلاَ يُقْضَى عَلَيْكَ» هَذَا اعترافٌ بأنَّ اللهَ جل وعلا إِذَا قضَى قَضاءً فإنَّهُ لاَ يُرَدُّ، ولاَ مُعقِّبَ لِحُكْمِه، ولاَ رادَّ لقَضائِهِ، فأنْتَ تسألُ اللهَ حُسْنَ القضاءِ وحُسْنَ القَدَرِ، وتعتَرِفُ بأنَّ مَا قضاهُ اللهُ، ودبَّرَهُ لاَ رادَّ لَهُ، فتَطْلُبُ مِن اللهِ أنْ يقْضِيَ لكَ الخيْرَ.