×
الشرح المختصر على متن زاد المستقنع الجزء الأول

وَيُكْرَهُ قنُوتُهُ فِي غَيْرِ الوَتْرِ، إلاَّ أنْ تَنْزِلَ بِالمُسْلِمِينَ نَازِلَةٌ غَيْرُ الطَّاعُونِ؛ فَيَقْنُتُ الإمامُ فِي الفرائضِ.

****

  «ويُكْرَهُ قُنُوتُهُ فِي غيْرِ الوَتْرِ» أي: لاَ يُشْرَعُ القُنوتُ فِي غيرِ الوَتْرِ، «إلاَّ أنْ تَنْزِلَ بالمُسْلِمِينَ نازِلَةٌ، غَيْرُ الطَّاعُونِ»، غير الطَّاعون؛ فإنَّ مُداومةَ القُنوتِ فِي الفريضةِ بِدْعةٌ؛ لأَِنَّهُ لم يفعلْهُ الرَّسولُ صلى الله عليه وسلم ولاَ أصحابُه، ولو فعلَهُ الرَّسولُ وداومَ عليه لَنُقِلَ.

ولم يُنقَل أنَّهُ صلى الله عليه وسلم داومَ عَلَى القنوتِ فِي صلاة الفجرِ، وإنَّمَا فعلَ هَذَا فِي قضيَّةٍ خاصَّةٍ، لمَّا ضايقَ مُشرِكو قُريشٍ المُسلمينَ فِي مكَّةَ، ومنَعُوهُم مِنَ الهِجرة، قنَتَ صلى الله عليه وسلم يدْعُو للمُستَضْعَفِين الذين منعَهُم المُشركونَ مِنَ الهِجرةِ إلى المدينةِ أنْ يُخلِّصَهُم اللهُ ([1]).

وكذلِكَ؛ قنَتَ يدعُو عَلَى نفَرٍ مِن المُشركينَ لمَّا قَتَلُوا جماعةً مِن أصحابِ الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم ([2])، ولم يُداوِمْ عَلَى ذلك، دلَّ عَلَى أنَّهُ إنَّمَا يفعلُ عِنْدَمَا ينزلُ بالمُسلمين نازِلَةٌ.

وهو من صَلاحيَّاتِ الإمام، فإِذَا رأى مُناسبةَ القُنوتِ فِي صلاةِ الفجْرِ فإنَّهُ يقْنُتُ، ويقْنُتُ معه المسلمونَ، كمَا فعلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم؛ فإنَّهُ قنَتَ، وقنَتَ معه المسلمونَ، وأمَّا المُداومةُ عليه فإنَّهُ لم يرِدْ فِي حديثٍ صحيحٍ أنَّهُ صلى الله عليه وسلم داومَ عَلَى القنُوتِ، وهَذَا مذهبُ جماهيرِ أهلِ العِلْمِ ([3]).


الشرح

([1])أخرجه: البخاري رقم (771)، ومسلم رقم (675).

([2])أخرجه: البخاري رقم (2659)، ومسلم رقم (677).

([3])انظر: «المغني» (2/ 586)، و«الإنصاف» (2/ 174).