وكذلك؛ رأى النَّبيّ صلى الله عليه وسلم رجلاً
يصلِّي بعدَ صلاةِ الفجر، فسأله، فقال: إنه يصلِّي الراتبةَ التي فاتته، - التي
قبل الفجر -، فأقرَّه على ذلك ([1]).
«وصلاةُ اللَّيل
أفضلُ من صلاةِ النَّهار» ثم بعدَ النَّفلِ المُقيَّد النفل المطلق، وأفضلُه
صلاةُ الليل؛ لقولِه صلى الله عليه وسلم: «أَفْضَلُ الصَّلاَةِ بَعْدَ
الْفَرِيضَةِ صَلاَةُ اللَّيْلِ» ([2]).
فصلاةُ الليلِ هي
أفضلُ النوافلِ المطلقة، خصوصًا من آخرِ الليل؛ لأنَّه يجتمعُ فيها ما لا يجتمعُ
في غيرِها؛ من حُضُورِ القلب، وانقطاعِ الشواغل، ووقتِ النزولِ الإلهيّ؛ فإنَّ
اللهَ سبحانه وتعالى ينزِلُ إلى السماء الدنيا كلَّ ليلةٍ حين يبقى ثلثُ الليلِ
الآخر، فيقول: «هَلْ مِنْ سَائِلٍ فَأُعْطِيَهُ، هَلْ مِنْ مُسْتَغْفِرٍ،
فَأَغْفِرَ لَهُ، هَلْ مِنْ دَاعٍ فَأَسْتَجِيبَ لَهُ» ([3]).
وقوله تعالى: ﴿إِنَّ نَاشِئَةَ ٱلَّيۡلِ
هِيَ أَشَدُّ وَطۡٔٗا وَأَقۡوَمُ قِيلًا﴾ [المزمل: 6]، و«الناشئة»
هي القيامُ بعدَ النوم، وهذا معنى قوله:
«وأفضلُها ثلثُ اللَّيل بعدَ نصفِه» أفضلُ صلاةِ الليل ثلثُ الليل الذي بعدَ النِّصف الأول، فينامُ النِّصفَ الأول، ثم يقومُ الثُّلث، ثم ينامُ السُّدس، وهو قيامُ داود عليه السلام ([4]).
([1])أخرجه: أبو داود رقم (1267)، والترمذي رقم (422)، وابن ماجه رقم (1154).
الصفحة 3 / 380