×
التعليق القويم على كتاب اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم الجزء الرابع

وأيضًا فإن الله تعالى عاب على المشركين شيئين:

أحدهما: أنهم أشركوا به ما لم ينزِّل به سلطانًا.

والثاني: تحريمهم ما لم يحرِّمه الله عليهم.

****

 لأنها توقيفية، وهي من حق الله سبحانه وتعالى ولكنّ العالم إنما يجتهد في مجال الاجتهاد، وعليه أن يكون متحريًا للحق، لكنه قد يصيب وقد يخطئ، وكذلك من قلّده في هذا وهو لا يعلم أنه أخطأ، والتقليد إنما يكون للعوام، لقوله تعالى: ﴿فَسۡ‍َٔلُوٓاْ أَهۡلَ ٱلذِّكۡرِ إِن كُنتُمۡ لَا تَعۡلَمُونَ [النحل: 43] وأما طالب العلم المتمكن فهذا لا يسوغ له التقليد، بل عليه أن يبحث عن الحق لأن عنده القدرة على أن يبحث عن الحق لنفسه ولغيره.

الله جل وعلا عاب على المشركين أمرين:

الأول: أنهم عبدوا معه غيره مما لم ينزل به سلطانًا؛ يعني: حجة، فهو سبحانه إنما أقام السلطان والبراهين على وحدانيته، وإبطال عبادة ما سواه، وهذا واردٌ في آيات كثيرة، منها قوله: ﴿وَيَعۡبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ مَا لَمۡ يُنَزِّلۡ بِهِۦ سُلۡطَٰنٗا وَمَا لَيۡسَ لَهُم بِهِۦ عِلۡمٞۗ [الحج: 71]، وقوله: ﴿وَيَعۡبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُمۡ وَلَا يَنفَعُهُمۡ وَيَقُولُونَ هَٰٓؤُلَآءِ شُفَعَٰٓؤُنَا عِندَ ٱللَّهِۚ قُلۡ أَتُنَبِّ‍ُٔونَ ٱللَّهَ بِمَا لَا يَعۡلَمُ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَلَا فِي ٱلۡأَرۡضِۚ سُبۡحَٰنَهُۥ وَتَعَٰلَىٰ عَمَّا يُشۡرِكُونَ [يونس: 18]، فما لا يعلمه الله لا يكون حقًّا، لأن الله جل وعلا يعلم كل شيء وهو لا يعلم أن له شريكًا، ولذلك فإنه نهى أن يُعبد معه غيره من خلقه؛ لأن الله خالقٌ وما سواه مخلوق، فلا يجوز أن يُعبد معه غيره من خلقه، قال سبحانه وتعالى: ﴿أَيُشۡرِكُونَ مَا لَا يَخۡلُقُ شَيۡ‍ٔٗا وَهُمۡ يُخۡلَقُونَ [الأعراف: 191]، والله تحدى المشركين مع آلهتهم أن يخلقوا ذبابًا ولو اجتمعوا له،


الشرح