وبيَّن النبيُّ صلى الله عليه وسلم ذلك فيما رواه
مسلمٌ عن عياض بن حمار رضي الله عنه عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال: «قال الله
تعالى: إِنِّي جَعَلْتُ عِبَادِي حُنَفَاءَ، فَاجْتَالَتْهُمْ الشَّيَاطِينُ عَنْ
دِينِهِمْ، وَحَرَّمَتْ عَلَيْهِمْ مَا أَحْلَلْتُ لَهُمْ، وَأَمَرَتْهُمْ أَنْ
يُشْرِكُوا بِي مَا لَمْ أُنْزِلْ بِهِ سُلْطَانًا» ([1]).
****
وتحداهم أن يبيّنوا ما خلقه شركاؤهم في السماوات والأرض فقال:﴿قُلۡ أَرَءَيۡتُم مَّا تَدۡعُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ أَرُونِي مَاذَا خَلَقُواْ﴾ [الأحقاف: 4]،فالله جل وعلا تحداهم في هذا، فله الخلق، وإذا كان له الخلق فإنَّ له الأمر أيضًا، بأن يأمر وينهى، ويُـحِلُّ ويُـحرِّم، ويُوجِب ويمنع، فهذا من حقه سبحانه وتعالى وليس من حق أحد أن يشرع، فالمشركون أصيبوا بهاتين الجريمتين: الإشراك بالله عز وجل بما ليس لهم عليه حجة ولا برهان، وإنما الحجة على خلاف ما يقولون.والأمر الثاني: أنهم تدخلوا في التشريع، في التحليل والتحريم، يُحلِّلون ويحرِّمون من عند أنفسهم ومن عند طواغيتهم ومتبوعيهم، فالله عابهم في هذين الأمرين.حديث عياض بن حمار رضي الله عنه هو حديث قدسي، وفيه أنَّ الله جل وعلا قال: «خَلَقْتُ عِبَادِي حُنَفَاءَ فَاجْتَالَتْهُمْ الشَّيَاطِينُ وَحَرَّمَتْ عَلَيْهِمْ مَا أَحْلَلْتُ لَهُمْ...» إلخ فهذا الحديث القدسي يبيّن الله تعالى فيه أنه خلق عباده «حُنَفَاءَ» يعني: مفطورين على التوحيد، فالأصلُ في الإنسان التوحيدُ، لقوله تعالى: ﴿فَأَقِمۡ وَجۡهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفٗاۚ فِطۡرَتَ ٱللَّهِ ٱلَّتِي فَطَرَ ٱلنَّاسَ عَلَيۡهَاۚ لَا تَبۡدِيلَ لِخَلۡقِ ٱللَّهِۚ ذَٰلِكَ ٱلدِّينُ ٱلۡقَيِّمُ وَلَٰكِنَّ أَكۡثَرَ ٱلنَّاسِ لَا يَعۡلَمُونَ﴾ [الروم: 30]
الصفحة 1 / 407
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد