واعلَمْ أنَّ هذه القاعدة وهي الاستدلال بكون الشيء
بدعة على كراهته قاعدة عظيمة.
وتمامُها بالجواب عمّا يُعارضها، وذلك أنَّ من الناس
من يقول: البِدَعُ تنقسم إلى قسمين: حسنة وقبيحة، بدليل قول عمر رضي الله عنه في
صلاة التراويح: نِعْمَتِ البِدْعةُ هذه، وبدليل أشياءَ من الأقوال والأفعال أُحدثت
بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم وليست بمكروهة، أو هي حسنة للأدلة الدّالة على
ذلك من الإجماع والقياس.
****
الذين يقولون: إن هناك بدعًا حسنة، يستدلون بقول عمر رضي الله عنه لما جمع الناس في التراويح على إمام واحد وكانوا يصلون متوزعين جماعات متفرقة في المسجد؛ لأن التراويح أصلها من تشريع رسول الله صلى الله عليه وسلم حينما صلّى بأصحابه ليالي من رمضان، ثم لما كثروا وضاق المسجد تخلف عنهم صلى الله عليه وسلم ولم يخرج حتى جـاء إلى صلاة الصبح، فلمّا صلّى الصبح وانصرف منها قال: «أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّهُ لَمْ يَخْفَ عَلَيَّ مَكَانُكُمْ، لَكِنِّي خَشِيتُ أَنْ تُفْرَضَ عَلَيْكُمْ، فَتَعْجِزُوا عَنْهَا» ([1]) فهو صلى الله عليه وسلم تخلف عنهم لئلا تُفرض عليهم، بعدما ثبت أن الجماعة في صلاة التراويح سنةٌ بفعله صلى الله عليه وسلم، ثم تخلّف عنهم خشية أن تفرض عليهم، وإنما فعل ذلك رحمة بهم، فاستمرُّوا يصلون متفرقين في آخر حيـاة النبي صلى الله عليه وسلم وفي خلافة أبي بكر وأول خلافـة عمر، فلمّا خرج عمر في ليلة من الليالي ورآهم متفرقين يصلي بصلاة الرَّجل الرجلان والرهط، متفرقين في المسجد، فأراد أن يجمعهم ويُعيد السُّنة التي كان صلى الله عليه وسلم يفعلها؛ لأن الفرضية قد انتهت بموت الرسول صلى الله عليه وسلم، فلا يُفرض ولا يُشرع شيء بعد وفاته صلى الله عليه وسلم؛ لأن الله أكمل به الدين قبل أن يتوفاه إليه،
([1])أخرجه: البخاري رقم (924)، ومسلم رقم (761).
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد