بمثابة من إذا قيل لهم: ﴿تَعَالَوۡاْ إِلَىٰ مَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ وَإِلَى ٱلرَّسُولِ﴾
قالوا: ﴿حَسۡبُنَا مَا وَجَدۡنَا عَلَيۡهِ ءَابَآءَنَآۚ﴾ [المائدة:
104] وما أكثَرَ ما قد يَـحتَجُّ بعضُ مَنْ يتميَّز من الـمُنتسبين إلى علم
أو عبادة بحجج ليست من أصول العلم التي يُعتمد في الدِّين عليها.
والغَرَضُ، أنَّ هذه النصوص الدالة على ذَمِّ البدع
معارضة بما دلّ على حُسْن بعض البِدَع. إما من الأدلة الشرعية الصَّحيحة، أو من
حُجَج بعض الناس التي يَعتمد عليها بعضُ الجاهلين أو المتأوِّلين في الجملة.
****
قالوا:﴿حَسۡبُنَا مَا وَجَدۡنَا عَلَيۡهِ ءَابَآءَنَآۚ﴾، يعني: نتبع
ما عليه آباؤنا ولا نتبع ما عليه القرآن، وما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم،
وهؤلاء لهم شَبه بأولئك الذين يحتجون بالعادات وما عليه الناس، ولو كان مخالفًا
لما في القرآن والسنة.
والآفة التي أصابت
المسلمين كما ذكر الشيخ إنما هي ممن يدعي العلم والعبادة والورع، ومع ذلك يخالف
الدليل ويتبع مَنْ قبلَه من أهل الضلال وأهل البدع، ويُشرِّع للناس ما لم يأذن به
الله محتجًّا بما عليه الناس، وما عليه الكثرة في الأزمان، والكثرةُ وإن تكررت
ليست بحجة؛ لأنَّ الله عاب على المشركين أنهم إذا قيل لهم: ﴿تَعَالَوۡاْ إِلَىٰ مَآ
أَنزَلَ ٱللَّهُ وَإِلَى ٱلرَّسُولِ﴾قالوا:﴿حَسۡبُنَا مَا وَجَدۡنَا
عَلَيۡهِ ءَابَآءَنَآۚ﴾، ﴿وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ ٱتَّبِعُواْ مَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ قَالُواْ بَلۡ
نَتَّبِعُ مَآ أَلۡفَيۡنَا عَلَيۡهِ ءَابَآءَنَآۚ﴾ [البقرة: 170] وهذه
شبهة قديمة وجديدة.
يعني: أنّ ما جاء إنما يعارض هذا الأصل وهو أنه لا شرع إلاّ ما شرعه الله، وأن ما خرج عما شرعه الله فهو بدعة، وكل بدعة ضلالة؛ لأن ما جاء معارض لهذا الأصل وهو لا يخلو من أحد أمرين: إما أن يكون دليلاً صحيحًا، أو أن يكون شبهة باطلة، فإن كان دليـلاً صحيحًا فإنه يكونُ مخَصصًا للأدلة العامة، ومقيّدًا للأدلة المطلقة،