×
التعليق القويم على كتاب اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم الجزء الرابع

وهم لا يجتمعون على إمام واحد بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم، ثم إن عمر هداه الله إلى أن يجمعهم على إمام واحد بدل أن يكونوا متوزعين، يشوش بعضهم على بعض، ولا شك أن الإسلام حثَّ على الجماعة ونهى عن الفرقة، فعمر أحيا السُّنة رضي الله عنه من وجوه:

أولاً: أنه جمعهم بعد فُرقة، وهذا مقصود الشرع، وذلك أن يجتمع المسلمون، ولهذا يحرم أن يقام في المسجد جماعتان في الفرائض، بل لا بد أن يكونوا جماعة واحدة خلف إمام واحد، وكذلك في النوافل إذا كانوا في المسجد، فلا ينبغي أن يكونوا متفرقين إذا كانوا في مكان واحد؛ لأن هذا مظهر سيئ، وفيه تعليم للاختلاف والانشقاق، والإسلام بعيد عن هذا وينهى عنه، هذا من ناحية.

ومن ناحية ثانية: فإنَّ عمر أحيا سُنة عمل بها الرسول صلى الله عليه وسلم، وهي صلاة التراويح خلف إمام واحد، فقد اجتمعوا خلفه صلى الله عليه وسلم وصلّى بهم ليالي، ثم تخلَّف عنهم لعذر أبداه وبيّنه، وهو خشية أن تفرض عليهم؛ لأن الفرض والندب والأحكام الشرعية إنما كانت في حياة النبي صلى الله عليه وسلم، فلما توفي النبي صلى الله عليه وسلم انتفى المحذور؛ لأنه لا تشريع بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم، فعمر لم يشرع لهم شيئًا من عنده، وإنما أعاد سنة النبي صلى الله عليه وسلم التي صلاها بهم ليالي في رمضان، وكان في ذلك المصلحة العظيمة، وهي اجتماع المسلمين وعدم تفرُّقِهم، وضمان عدم تشويش بعضهم على بعض، فكانت التراويح جماعة واحدة سنة وليست بدعة حتى يحتج بها من يقول: إنَّ هناك بدعة حسنة.


الشرح