بموته صلى الله عليه وسلم أمن الناس من زيادة
القرآن ونقصه وأمنوا من زيادة الإيجاب والتحريم، فعمل المسلمون بمقتضى سنته من
المحافظة على القرآن بجمعه في مصحف واحد، وإن كان هذا العمل يسمى في اللغة بدعة.
وكذلك نفي عمر رضي
الله عنه ليهود خيبر، ونصارى نجران، ونحوهم من أرض العرب، فإنَّ النبي صلى الله
عليه وسلم عهد بذلك في مرضه فقال: «أَخْرِجُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى مِنْ
جَزِيرَة الْعَرَبِ» ([1])، وإنما لم ينفذ أبو
بكر رضي الله عنه ذلك لاشتغاله عنه بقتال أهل الردة، ولشروعه في قتال فارس والروم،
وكذلك عمر لم يمكنه فعله في أول الأمر لاشتغاله بقتال فارس والروم، فلما تمكن من
ذلك فعل ما أمر به النبي صلى الله عليه وسلم، وإن كان هذا الفعل قد يسمى بدعة في
اللغة، كما قال له اليهود: «كيف تخرجنا وقد أقرنا أبو القاسم؟» وكما جاؤوا
إلى علي رضي الله عنه في خلافته، فأرادوا منه إعادتهم، وقالوا: «كتابك بخطك»
فامتنع من ذلك؛ لأن ذلك الفعل من عمر كان بعهد من رسول الله صلى الله عليه وسلم
وإن كان محدثًا بعده، ومخالفًا لما فعله هو صلى الله عليه وسلم من إقرارهم في
الجزيرة؛ لأنه لم يحن موعد إخراجهم.
وكذلك قوله صلى الله عليه وسلم: «خُذُوا الْعَطَاءَ مَا كَانَ عَطَاءً، فَإِذَا كَانَ عِوَضًا عَنِ دِينِ أَحَدِكُمْ فَلاَ تَأْخُذُوهُ» ([2]) فلما صار الأمراء يعطون مال الله لمن يعينهم على أهوائهم، وإن كانت معصية، كان من امتنع من أخذه متبعًا لسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإن كان ترك قبول العطاء من أولي الأمر محدثًا، لكن لما أحدثوا ما أحدثوه أُحدِث لهم حكم آخر بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
([1])أخرجه: مسلم رقم (1767).
الصفحة 16 / 407
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد