فأشار على عثمان أن
يكتب القرآن في مصحف واحد، وبرسم واحد يحتمل القراءات الصحيحة دون الشاذة، وأن
ينسخ منه عدّة نسخ للأقاليم، وهذا ما يسمى بالمصحف على الرسم العثماني، فجمعهم على
مصحف واحد وإنِ اختلفت القراءات التي يحتملها الرسم، فإنه ما دامت القراءات موافقة
للرسم العثماني فهي قراءات صحيحة، وما خالف الرسم العثماني فإنه شاذ. فبهذا حصل
حفظ القرآن الكريم من الاختلاف، وهذا هو الجمع الثالث للقرآن الكريم.
ومما ينبغي التنبيه
عليه أنْ تعلم أنَّ هذه القراءات وروايتها أمر واجب، ولكن إذا كان أهل جهة من
المسلمين قد اعتمدوا قراءة أحد القراء المشهورين في صلاتهم، فإنه لا ينبغي للإمام
أن يقرأ بغيرها؛ لأنَّ هذا يشوش على الجهال والعوام، وربما يحملهم ذلك على الاستنكار
على الإمام وإساءة الظن به، فيجب الاقتصار على القراءة المعتادة في بلدهم لئلا
يحصل ما تخوَّفه حذيفة رضي الله عنه.
وهذا العمل لا يسمّى
بدعة؛ لأنه حفظٌ للقرآن الكريم من الضياع فلا يسمى بدعة شرعية، لكن قد يسمى بدعة
لغوية كما قال عمر في جمع المسلمين على إمام واحد: «نعمت البدعة هذه».
فكان جمع القرآن بدعة من هذا القبيل، فإن المانع من جمعه على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم في مصحف واحد أنَّ الوحي كان لا يزال ينزل، فيغير الله ما يشاء، ويحكم ما يريد. فلو جمع في مصحف واحد لتعسر أو تعذر تغييره كل وقت، فلما استقر القرآن كله بموته صلى الله عليه وسلم، واستقرت الشريعة
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد