مع اختلاف الناس في مولده، فإنَّ هذا لم يفَعلْهُ السَّلفُ،
مع قيام المقتضي له وعدم المانع منه لو كان هذا خيرًا.
ولو كان هذا خيرًا مَـحْضًا أو راجحًا، لكان السَّلف
رضي الله عنهم أحقَّ به منّا، فإنهم كانوا أشدَّ محبةً لرسول الله صلى الله عليه
وسلم وتعظيمًا له منّا وهم على الخير أحرص. وإنما كمالُ محبَّته وتعظيمه في
متابعته وطاعته واتِّباع أمره، وإحياء سُنَّتِه باطنًا وظاهرًا ونشر ما بُعث به.
والجهاد على ذلك بالقلب واليد واللسان.
فإنَّ هذه طريقة السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار
والذين اتَّبعوهم بإحسان، وأكثر هؤلاء الذين تجدونهم حِراصًا على أمثال هذه البدع،
مع ما لهم فيها من حسن القصد والاجتهاد اللذين يرجى لهم بهما المثوبة، تجدونهم
فاترين في أمر الرسول عما أُمروا بالنشاط فيه، وإنما هم بمنزلة من يُحلّي المصحف
ولا يقرأ فيه، أو يقرأ فيه ولا يَتَّبعُه.
وبمنزلة من يُزخرف المسجـد ولا يصلي فيه، أو يصلي فيه
قليلاً.
وبمنزلة من يتخذ المسابيح والسِّجادات المزخرفة وأمثال
هذه الزخارف الظاهرة التي لم تُشْرَع، ويصحبها من الرياء والكبر والاشتغال عن
المشروع ما يفسد حال صاحبها.
كما جـاء في الـحديث: «مَا سَاءَ عَمَلُ أُمَّةٍ
قَطُّ، إِلاَّ زَخْرَفُوا مَسَاجِدَهُمْ» ([1]).
****
فهذا الاحتفال بالمولد الذي يقيمونه باطل من عدة وجوه:
الصفحة 1 / 407
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد