×
التعليق القويم على كتاب اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم الجزء الرابع

فتعظيم المولد واتخاذه موسمًا قد يفعله بعض الناس ويكون له فيه أجر عظيم لحسن قصده، وتعظيمه لرسول الله صلى الله عليه وسلم، كما قدمته لك أنه يحسن من بعض الناس ما يستقبح من المؤمن المسدد، ولهذا قيل للإمام أحمد عن بعض الأمراء: إنه أنفق على مصحف ألف دينار أو نحو ذلك، فقال: دعهم، فهذا أفضل ما أنفق فيه الذهب، أو كما قال. مع أنَّ مذهبه أن زخرفة المصاحف مكروهة.

****

فالله جل وعلا قال: ﴿وَٱعۡبُدُواْ ٱللَّهَ وَلَا تُشۡرِكُواْ بِهِۦ شَيۡ‍ٔٗاۖ [النساء: 36] فلم يكتف بقوله: ﴿وَٱعۡبُدُواْ ٱللَّهَ بل قال: ﴿وَلَا تُشۡرِكُواْ بِهِۦ شَيۡ‍ٔٗاۖ وهذا كقوله: ﴿وَيَأۡمُرُونَ بِٱلۡمَعۡرُوفِ وَيَنۡهَوۡنَ عَنِ ٱلۡمُنكَرِۚ، فلا يكفي أن تنكر الشرك فقط بل لا بُدَّ أن تأمر بالتوحيد أيضًا.

قوله: «والنفوس قد خلقت لتعمل...» هذا هو السبب لما سبق تقريره، وهو أنّ الناس إذا لم يشتغلوا بالحق اشتغلوا بالباطل، فهم لن يبقوا معطلين؛ لأن الـخَلْق مجبولون على العمل، فإن لم يشتغلوا بالحق اشتغلوا بالباطل.

ولما كان من الأعمال السيئة ما يشغل عن العمل الصالح، جَـمَع بين الأمرين، فأمر بالعمل الصالح ونهى عن العمل السيئ.

أي: إذا كان بعض الناس إن نُهِيَ عن مفسدة، ارتكب مفسدة أعظم منها، فإن ارتكاب أخف الضررين قاعدة شرعية لدفع أعلاهما، فإن وُجد من يزخرف المصحف ويحسّنه فلا تنهه عن ذلك؛ لأنه إذا نهيته عن ذلك، فإنه ربما يتهاون في المصحف، وفعله هذا فيه نوع مستحب، وهو تعظيم المصحف وتوقيره، وإن كان زاد في القدر


الشرح