×
التعليق القويم على كتاب اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم الجزء الرابع

وهذه أنواع لا يمكن ضبطها، بخلاف الزمان فإنه محصور، وهذا الضرب أقبح من الذي قبله، فإنَّ هذا يشبه عبادة الأوثان، أو هو ذريعة إليها. أو نوع من عبادة الأوثان. إذ عُبَّاد الأوثان كانوا يقصدون بقعة بعينها لتمثال هناك أو غير تمثال، يعتقدون أنَّ ذلك يقربهم إلى الله تعالى، وكانت الطواغيت الكبار التي تشد إليهـا الرحال ثلاثـة: اللات، والعزى، ومناة الثالثـة الأخرى، كما ذكر الله ذلك في كتابه حيث يقول: ﴿أَفَرَءَيۡتُمُ ٱللَّٰتَ وَٱلۡعُزَّىٰ ١٩ وَمَنَوٰةَ ٱلثَّالِثَةَ ٱلۡأُخۡرَىٰٓ ٢٠ أَلَكُمُ ٱلذَّكَرُ وَلَهُ ٱلۡأُنثَىٰ ٢١  تِلۡكَ إِذٗا قِسۡمَةٞ ضِيزَىٰٓ [النجم: 19-22] فقد كان كل واحـد من هذه الثلاثة لمصر من أمصار العرب، والأمصار التي كـانت من ناحية الحرم ومواقيت الحج ثلاثة: مكـة، والمدينـة، والطائف.

فكانت اللات: لأهل الطائف. ذكـروا أنه كـان في الأصل رجـلاً صالحًا يَلُتُّ السويق للحاج، فلما مات عكفوا على قبره مدة، ثم اتخذوا تمثاله، ثم بنوا عليـه بنيـة سموها بَيْتَ الرَّبة، وقصتها معروفة، لـما بعث النبي صلى الله عليه وسلم لهدمهـا الـمغيرة بن شعبة لما افتتح الطائف بعد فتح مكة سنة تسع من الهجرة.

وأما العزى: فكانت لأهل مكة قريبًا من عرفات، وكانت هناك شجرة يذبحون عندها، ويدعون، فبعث النبي صلى الله عليه وسلم إليها خالد بن الوليد عقب فتح مكة فأزالها. وقَسَّمَ النبي صلى الله عليه وسلم مالها، وخرجت منها شيطانة ناشرة شعرها، فيئست العزى أن تُعبد.

وأما مناة: فكانت لأهل المدينة، يُهلون لها شركًا بالله تعالى، وكانت حَذْو قَديد الـجبل الذي بين مكة والـمدينة من ناحية الساحل.

****


الشرح