×
التعليق القويم على كتاب اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم الجزء الرابع

 قد يتعلق قلبه أو قلب غيره بذلك القبر أو بهذه الشجرة أو بهذا الغـار، فيعتقد أنَّ في هذه الأمكنة بركة وأنها تمنح الخير، وتدفع الشر، فيتخذها إلهًا من دون الله، يتقرب إليها ويخاف منها ويرجوها كما هو حاصل ممن ابتُلوا بهذه البلية.

وكذلك يقال في الزمان، فلا ينبغي أن نخصص زمانًا للعبادة لم يخصصه الشرع، ولذلك لا يجوز تخصيص شهر رجب بشيء من العبادات زيادة على غيره؛ لأنه لم يثبت له خاصية، فهو كسائر الشهور، إلاّ أنه من الأشهر الحرم، فلا نخصصه بعبادة على أنها أفضل من العبادة في غيره من الشهور، حتى الزمان الفاضل لا يجوز أن يخصَّص بعبادة معيَّنة وإن كان فاضلاً، إلاّ إذا كان الله سبحانه قد خصصه، مثل يوم الجمعة، وهو أفضل أيام الأسبوع، وهو عيد الأسبوع، لكن لا يجوز أن نخصصه بعمل لم يثبت، فتُزار فيه الأموات، أو يصومه بعض الناس مفردًا، وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن إفراد الجمعة بصوم، وإنما يُصام تبعًا لغيره، فمن صام قبله أو بعده وصامه تبعًا له فلا بأس.

الحاصل: أننا مكفيُّون - ولله الحمد - فلا ينبغي أن نتكلف أشياء لم يكلفنا الله تعالى بها، ولا أن نجعل فضيلة لأشياء لم يجعل الله لها فضيلة، فإنَّ هذا من باب الكذب على الله سبحانه وتعالى ومن تشريع ما لم يشرعه الله جل وعلا قال سبحـانه: ﴿أَمۡ لَهُمۡ شُرَكَٰٓؤُاْ شَرَعُواْ لَهُم مِّنَ ٱلدِّينِ مَا لَمۡ يَأۡذَنۢ بِهِ ٱللَّهُۚ [الشورى: 21].


الشرح