×
التعليق القويم على كتاب اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم الجزء الرابع

 تمْثَالاً إِلاَّ طَمَسْتهُ، وَلاَ قَبْرًا مُشْرِفًا إِلاَّ سَوَّيْتَهُ» ([1]) وهذا يعمّ قبور الأنبياء وغيرهم، كلها تُسوّى، فالقبور سواءٌ، لا ميزة لبعضها على بعض، وكذلك سائر القبور، أنت إذا وقفت على مقبرة فإنك لا تميز الـمَلِك من الصعلوك، لا تميز العالم من غير العالم، ولا تميز الصالح من غير الصالح، كل أصحابها صاروا تحت التراب، ولو كان في تمييز بعضهم عن بعض فائدة لأمرنا الله تعالى بذلك، ولشرع تمييز قبور الصالحين، لكن الله هو الذي أمر أن يسوّى بينهم في هذه التربة، ممّا يدل على أنه لا يُطلب من الأموات شيء.

وقوله: «أو مع عدم العلم بأنَّ لها خصيصة، إذ العبادة والعمل بغير علم منهيٌّ عنه» أي: أنَّ العبادة مبنية على الدليل من الكتاب والسنة، وليست بالاجتهادات، أو بالاستحسانات، إنما هي حسب الدليل الصحيح، ولذلك يقولـون: العبادات توقيفية، وأنّ الأصل فيها المنع، إلاّ ما شرعه الله ورسوله.

وقوله: «كما أنَّ العبادة والعمل بما يخالف العلم منهي عنه» فالعبادة لا بدّ لها من دليل يثبتها، فإذا ثبت الدليل كانت مشروعة، وهي بغير دليل منهي عنها، فلا عبادة زائدة عن مقتضى الدليل.

قوله: «ولو كان ضبط هذه الأمور من الدين لما أُهمل، ولما ضاع عن الأمة المحفوظ دينها، والمعصومة عن الخطأ» قال الله تعالى: ﴿ٱلۡيَوۡمَ أَكۡمَلۡتُ لَكُمۡ دِينَكُمۡ وَأَتۡمَمۡتُ عَلَيۡكُمۡ نِعۡمَتِي [المائدة: 3] فلو كانت العناية


الشرح

([1])أخرجه: مسلم رقم (969).