×
التعليق القويم على كتاب اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم الجزء الرابع

وروى أبو داود عن عثمان بن عفان رضي الله عنه قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا فرغ من دفن الميت وقف عليه، وقال: «اسْتَغْفِرُوا لأَِخِيكُمْ، وَسَلُوا لَهُ التَّثْبِيتِ، فَإِنَّهُ الآْنَ يُسْأَلُ» ([1]).

**** 

وفي هذا أنه إذا فُرغ من دفن الميت يستحب للمشيعين أن يقفوا على قبره ويستغفروا له، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «اسْتَغْفِرُوا لأَِخِيكُمْ وَاسْأَلُوا لَهُ التَّثْبِيتِ، فَإِنَّهُ الآْنَ يُسْأَلُ» ويتخيَّر له من الدعاء الوارد مثل: اللهم اغفر له وارحمه وعافه واعف عنه وثبته؛ لأن الملكين قد حضرا بعد دفنه وقبل أن ينصرف المشيّعون، وإنه ليسمع قرع نعالهم كما في الحديث ([2])، فيُقعدانه، وتُعاد روحه في جسده عَوْدًا برزخيًا، ليس العود الذي في الدنيا، ثم يسألانه ويمتحنانه، فيكون من هذا الدعاء من المسلمين المشيعين له إعانة له على الإجابة عن سؤال الملكين وتأنيسًا له، فمن حق المسلم الميت على إخوانه المسلمين ألا يتركوه من الدعاء في هذه الحالة؛ لأنه بحاجة إلى الدعاء من إخوانه ليقوى به على إجابة الملكين حين يسألانه، وهذا الحديث يفيد أن هذا سنة مستمرة من النبي صلى الله عليه وسلم، وقال الله تعالى في المنافق: ﴿وَلَا تُصَلِّ عَلَىٰٓ أَحَدٖ مِّنۡهُم مَّاتَ أَبَدٗا وَلَا تَقُمۡ عَلَىٰ قَبۡرِهِۦٓۖ [التوبة: 84].


الشرح

([1])أخرجه: أبو داود رقم (3221).

([2])أخرجه: البخاري رقم (1338)، ومسلم رقم (2870).