ومن ذلك: الصلاة عندها، وإن لم يُبْنَ هناك مسجد،
فإنَّ ذلك أيضًا اتخاذها مسجدًا، كما قالت عائشة: «وَلَوْلاَ ذَلِكَ لَأُبْرِزَ
قَبْرُهُ، وَلَكِنْ خَشِيَ أَنْ يُتَّخَذَ مَسْجِدًا» ([1]). ولم
تقصد عائشة رضي الله عنها مجرّد بناء مسجد، فإنَّ الصحابة لـم يكونوا ليبنوا حول
قبره مسجدًا، وإنما قصدت أنهم خشوا أنّ الناس يصلون عند قبره، وكلُّ موضع قُصدت
الصلاة فيه فقد اتُّخذَ مسجدًا، بل كلُّ موضع يُصلّى فيه فإنه يسمّى مسجدًا وإن لم
يكن هناك بناء كما قال صلى الله عليه وسلم: «جُعِلَتْ لِيَ الأَرْضُ مَسْجِدًا
وَطَهُورًا» ([2]).
****
قوله: «ولم تقصد
عائشة رضي الله عنها مجرد بناء مسجد، فإن الصحابة لم يكونوا ليبنوا حول قبره
مسجدًا، وإنما قصدت أنهم خشوا أنَّ الناس يصلّون عند قبره». فاتخاذ القبور
مساجد يشمل معنيين: البناء عليها، ويشمل الصلاة عندها من غير بناء؛ لأن من صلّى في
مكان فقد اتخذه مسجدًا، كما قال عليه الصلاة والسلام: «جُعِلَتْ لِيَ الأَرْضُ
مَسْجِدًا وَطَهُورًا» بمعنى أنها صالحة للصلاة فيها، إلاّ ما استُثني،
فالصلاة عندها من باب اتخاذها مساجد، وإن لم يُبْنَ عليها مسجد.
وقوله: «كما قالت عائشة رضي الله عنها: وَلَوْلاَ ذَلِكَ لَأُبْرِزَ قَبْرُهُ، وَلَكِنْ خَشِيَ أَنْ يُتَّخَذَ مَسْجِدًا» وذلك أنه لما دفن النبي صلى الله عليه وسلم في بيت عائشة رضي الله عنها بينت الحكمة في ذلك، فقالت: «وَلَوْلاَ ذَلِكَ لَأُبْرِزَ قَبْرُهُ، وَلَكِنْ خَشِيَ أَنْ يُتَّخَذَ مَسْجِدًا»، أي: مصلًّى، ليس المراد أنه يُبنى عليه مسجد؛
([1])أخرجه: البخاري رقم (1390)، ومسلم رقم (529).
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد