فهذا كله يبين لك أنَّ السبب ليس هو مظنة اتخاذها
أوثانًا. كما قال الشافعي رضي الله عنه، قال: وأكره أن يعظَّم مخلوق حتى يجعل قبره
مسجدًا، مخافـة الفتنة عليه وعلى من بعده من الناس.
وقد ذكر هذا المعنى أبو بكر الأثرم في كتابه ((ناسخ
الحديث ومنسوخه))، وغيره من أصحاب أحمد وسائر العلماء؛ فإنَّ قبر النبيِّ أو
الرَّجل الصالح، لم يكن يُنبش، والقبر الواحد لا نجاسةَ عليه.
****
وقوله: «وقال صلى
الله عليه وسلم: «إِنَّ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ كَانُوا يَتَّخِذُونَ الْقُبُورَ
مَسَاجِدَ، أَلاَ فَلاَ تَتَّخِذُوا الْقُبُورَ مَسَاجِدَ، فَإِنِّي أَنْهَى عَنْ
ذَلِكَ»» فالنهي إنما هو عن اتخاذها مساجد، وليس سبب النهي لأنها نجسة.
الوجه الثالث: أنَّ العلة قد نص
عليها، والعلة إذا كانت منصوصة فلا مجال للاجتهاد في تحديدها، فالرسول صلى الله
عليه وسلم نهى عن البناء على القبور؛ لأن هذا من فِعل اليهود، ونحن نُهينا عن
التشبه بهم، ونُهي أيضًا عن الغلو فيها لأنَّ هذا مظنة عبادتها، ولهذا قال صلى
الله عليه وسلم: «اللَّهُمَّ لاَ تَجْعَلْ قَبْرِي وَثَنًا يُعْبَدُ» ([1])، ولهذا كان الإمام
الشافعي رحمه الله يكره الغلو في القبر الذي يكون مظنَّة فتنة تؤدِّي إلى عبادته،
فتنة لمن فعل ذلك وفتنة لمن يأتي بعده من الناس، فيكون سَنَّ سُنة سيئة للناس، فكل
هذا يحدد العلة، أنها خشية الشرك بالله عز وجل وليست العلة في النهي عن الصلاة عند
القبور هي خشية نجاستها.
الوجه الرابع: «إنَّ قبر النبي صلى الله عليه وسلم، أو الرجل الصالح لم يكن ينبش، والقبر الواحد لا نجاسة عليه» فقبر النبي صلى الله عليه وسلم،
([1])أخرجه: مالك رقم (85).
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد