واترك كذا وكذا ليحصل الشفاء بذلك، فكذا النبي
في دعوته لأمته، يبين لهم ما ينفعهم وينهاهم عما يضرهم، أما لو دخل على المريض
متفلسف لجعل يشرح له الأسباب، وينوع له الأمراض والآفات، ويقول: الشيء الفلاني
يسبب كذا وكذا... فيتعب المريض زيادة على ما عنده، ثم المريض لا يستفيد شيئًا.
قوله: «على أنَّ
الكلام في بيان تأثيره بعض هذه الأسباب...» إلخ، المقصود: أنَّ
الناس لا تتحمل عقولهم طرح هذه الأسباب والمسببات؛ لأن عقولهم قد تكون ضيقة لا
تتحمل هذه الأشياء، وإنما يُبيَّن لهم ما يحتاجون إليه فقط، ولا يُتَوَسَّع لهم في
ذلك.
فإذا شرحت للناس
الأسباب الكثيرة التي قد يكون أكثرهـا موهومـًا، وليس سببًا، فيتحيّر الإنسان منهم
ويضطرب، ويصير عنـده شكوك وأوهام، فليس من صالح الجاهل أن تشرح له الأسباب الكثيرة
والمضار الكثيرة، فتشتت عقله، وتُضْعِف إدراكه، وإنما تبيّن له السبب الوحيد الذي
إذا اتبعه حصل له الخير والنجاة، وتترك الأسباب الكثيرة التي لم يقع في شيء منها ولا
يعرفها؛ لأنك تفتح له أبواب الأوهام وأبواب التخويفات التي هو غافل عنها.
قوله: «ويكفي العاقل أن يعلم أنَّ ما سوى المشروع لا يؤثر بحال...» يكفي من عنده عقل أن تبيِّن له المشروع الذي فيه النفع، ولا يحتاج لأن تبين له الشرور، والأشياء البعيدة عن فهمه وعن ذهنه، بل تبيِّن له المشروع، وتبين له الممنوع بصفة إجمالية،
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد