×
شرح أصول الإيمان

 حيث صدَّق لوطٌ إبراهيمَ عليه الصلاة والسلام، وكذا في قوله تعالى: ﴿وَمَآ أَنتَ بِمُؤۡمِنٖ لَّنَا [يوسف:17]، أي: بمُصدِّقٍ لِما قلناه لَك. هذا مَفْهُوم الإِيمَان لُغَةً.

وأمَّا الإِيمَان شرعًا: فقد عرَّفه أَهْل السُّنة وَالجَمَاعَة بِأَنَّه: قولٌ بِاللِّسَان، وَاعْتِقَادٌ في القَلب، وعملٌ بِالجَوَارِح، يَزِيد بِالطَّاعَة وَيَنْقُص بِالمَعْصِيَة.

وهذا التَّعْرِيف مَأْخُوذٌ من الكتَاب والسُّنَّةِ، فَتَعْرِيفُه بهذا التَّعْرِيف إنَّما هومن باب الحَقِيقَة الشَّرْعِيَّةِ؛ لأنّ الحَقَائِق ثَلاَثٌ: حَقِيقَةٌ لُغَوِيَّةٌ، وَحَقِيقَةٌ شَرْعِيَّةٌ، وَحَقِيقَةٌ عُرْفِيَّةٌ. وَالحَقِيقَة الشَّرْعِيَّةُ هي التي جَاء بها الشَّرْع، وقد جَاء الشَّرْع بأَنَّ الإِيمَان يَتَكَوَّن من هذه الأَشْيَاء الثَّلاَثَةِ: نُطقٌ بِاللِّسَان، واعتقادٌ بِالقَلب، وعملٌ بِالجَوَارِح، ولابُدَّ من اجْتِمَاع هذه الأُمُور الثَّلاَثَةِ.

فليس الإِيمَان هو نُطْقٌ بِاللِّسَان فَقَط كما تَقُول الكَرَّاميَّة، وليس هو اعْتِقَادٌ بِالقَلب فَقَط كما تَقُول الأَشَاعِرَة، وليس هو النُّطق بِاللِّسَان وَالاِعْتِقَاد بِالقَلب كما تَقُول الحَنَفِيَّة، وإنَّما هو بِمَجْمُوع الثَّلاَثَة معًا: نُطْقٌ بِاللِّسَان، وَاعْتِقَادٌ بِالقَلب، وعَمَلٌ بِالجَوَارِح، يَزِيد بِالطَّاعَة وَيَنْقُص بِالمَعْصِيَة؛ فإذا عَمَل الإِنْسَان الطَّاعَات زَاد إِيمَانه.

وكما قال سبحانه وتعالى: ﴿إِنَّمَا ٱلۡمُؤۡمِنُونَ ٱلَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ ٱللَّهُ وَجِلَتۡ قُلُوبُهُمۡ وَإِذَا تُلِيَتۡ عَلَيۡهِمۡ ءَايَٰتُهُۥ زَادَتۡهُمۡ إِيمَٰنٗا [الأنفال:2].

وَقَال تعالى: ﴿وَإِذَا مَآ أُنزِلَتۡ سُورَةٞ فَمِنۡهُم مَّن يَقُولُ أَيُّكُمۡ زَادَتۡهُ هَٰذِهِۦٓ إِيمَٰنٗاۚ فَأَمَّا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ فَزَادَتۡهُمۡ إِيمَٰنٗا وَهُمۡ يَسۡتَبۡشِرُونَ [التوبة:124]؛ وكلَّما عَمل الإِنْسَان طاعةً زَاد إِيمَانه حَتَّى يعظُم هذا الإِيمَان، وكلَّما عَمَل


الشرح