حَيَاتِه سبحانه وتعالى؛ ولهذا قال: ﴿ٱللَّهُ لَآ إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ ٱلۡحَيُّ ٱلۡقَيُّومُۚ
لَا تَأۡخُذُهُۥ سِنَةٞ وَلَا نَوۡمٞۚ﴾
[البقرة: 255]، فهو سُبْحَانَه لِكَمَال حَيَاتِه وَلِكَمَال قيوميته ﴿لَا تَأۡخُذُهُۥ
سِنَةٞ﴾ [البقرة: 255]: وهي
النُّعاس الخَفِيفُ﴿وَلَا
نَوۡمٞۚ﴾ [البقرة: 255] مُستغرَق،
فهو سُبْحَانَه منزَّه عن ذلك؛ لأنَّ النَّوم من صِفَات البَشَر وَالمَخْلُوقِين،
وهو صفةُ نقصٍ.
وقوله صلى الله عليه وسلم:
«وَلاَ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَنَامَ»يَعْنِي:
لا يَلِيق به سبحانه وتعالى أن يَنَام؛ لأَنَّه الكَامِل في حَيَاتِه وقيُّوميَّته
جل وعلا، فهو مُنزَّهٌ عن هذه الصِّفَة، فلا يَنْبَغِي أن يَنَام.
وقولُه: «يَخْفِضُ القِسْطَ ويَرْفَعُهُ» قوله: «يَخْفِضُ القِسْطَ» بِمَعْنَى أنَّه ينزِّل على عِبَادِه
أَرْزَاقَهُم وما كَتَبَه سُبْحَانَه لهم، والقِسط: العَدْل وَالمِيزَان، وقوله:
«ويَرْفَعُهُ» بِمَعْنَى أنَّه يُرفع
إلَيْه العَمَلُ الذي اكْتَسَبَه بَنُو آدَم، والله جل وعلا دائمًا هذه صِفَتُه،
يُنزِّل الأَرْزَاق وَالمَقَادِير على عِبَادِه، وتُرفع إلَيْه الأَعْمَالُ،
خيرُها وشرُّها، صَالِحُهَا وسيِّئُها؛ فهذا فيه تَنْزِيه الله سُبْحَانَه عن
النَّوم، ووَصفُه بِالحَيَاة الكَامِلَة، ووصفُه جل وعلا بِأَنَّه يُدبِّر أُمُور
الخَلق، ويُحصي أَعْمَالَهُم؛ ليُجازِيهم بها يوم القِيَامَة.
وقوله صلى الله عليه وسلم:
«يُرْفَعُ إِلَيْهِ عَمَلُ اللَّيْلِ
قَبْلَ عَمَلِ النَّهَارِ، وَعَمَلُ النَّهَارِ قَبْلَ عَمَلِ اللَّيْلِ» هذا
من عَمَل الحَفَظَة كما في قوله تعالى: ﴿وَإِنَّ عَلَيۡكُمۡ لَحَٰفِظِينَ ١٠كِرَامٗا كَٰتِبِينَ ١١يَعۡلَمُونَ
مَا تَفۡعَلُونَ ١٢﴾
[الانفطار: 10- 12].
وفي الحَدِيث: «يَتَعَاقَبُونَ فِيكُمْ مَلاَئِكَةٌ بِاللَّيْلِ وَمَلاَئِكَةٌ بِالنَّهَارِ، وَيَجْتَمِعُونَ في صَلاَةِ الْعَصْرِ وَصَلاَةِ الفَجْرِ، ثمَّ يَعْرُجُ الَّذِينَ بَاتُوا فِيْكُمْ،