×
شرح أصول الإيمان

 فَيَسْأَلُهُمْ وَهُوَ أَعْلَمُ بِهِمْ: كَيْفَ تَرَكْتُمْ عِبَادِي؟ فَيَقُولُونَ: تَرَكْنَاهُمْ وَهُمْ يُصَلُّونَ وَأَتَيْنَاهُمْ وَهُمْ يُصَلُّونَ» ([1]).

وَلَهَذَا قال جل وعلا: ﴿وَقُرۡءَانَ ٱلۡفَجۡرِۖ إِنَّ قُرۡءَانَ ٱلۡفَجۡرِ كَانَ مَشۡهُودٗا [الإسراء: 78]؛ أي: محضورًا، تَحْضُرُه مَلاَئِكَة اللَّيْل وَمَلاَئِكَةُ النَّهَار، فَيَجْتَمِعُون في صَلاَة العَصْر وَصَلاَةِ الفَجْر كما في الحَدِيث، ولهذا كانت هَاتَان الصَّلاَتَان أَفْضَلَ الصَّلَوَاتِ الخَمْسِ.

وَقَال تعالى: ﴿وَسَبِّحۡ بِحَمۡدِ رَبِّكَ قَبۡلَ طُلُوعِ ٱلشَّمۡسِ [ق: 39] أي: الفَجْر ﴿وَقَبۡلَ ٱلۡغُرُوبِ [ق:39]، أي العَصْر، فَفِيهِمَا فَضِيلَةٌ على غيرهما لِحُضُور المَلاَئِكَة فِيهِمَا.

وقوله صلى الله عليه وسلم: «حِجَابُهُ النُّورُ، لَوْ كَشَفَهُ لَأَحْرَقَتْ سُبُحَاتُ وَجْهِهِ مَا انْتَهَى إلَيْهِ بَصَرُه مِنْ خَلْقِهِ» هذا فيه وَصْفُ الله جل وعلا بالنُّور؛ والنُّور على قسمين:

1- نورٌ هو من صِفَات الله جل وعلا؛ أي: نُور الله سبحانه وتعالى.

2- ونورٌ مَخْلُوقٌ، كَنُور الشَّمْس وَنُورِ القَمَر.

وهناك نُورٌ آخَرُ وهو نُور الوَحْي؛ فالله جل وعلا هو النُّور، ومنه النُّور، وَنُور الله جل وعلا قد حَجَبه عن رُؤْيَة عِبَادِه له، لأَنَّهُم لا يَسْتَطِيعُون رُؤْيَتَه جل وعلا في الدُّنْيَا، ولو تجلَّى لِشَيْءٍ من خَلقِه لاحترق.

وفي قِصَّة مُوسَى عليه السلام ُ لمَّا جَاء لِمَوْعِد الله له يتلقَّى منه التَّوْرَاة أوضحُ الدَّلِيل على ذلك، قال تعالى: ﴿وَلَمَّا جَآءَ مُوسَىٰ لِمِيقَٰتِنَا وَكَلَّمَهُۥ رَبُّهُۥ قَالَ


الشرح

([1])  أخرجه: البخاري رقم (530)، ومسلم رقم (632).