وُفِيَه وَصْفُ الله تعالى بِالجُود وَالكَرَم، وأنَّه
هو الذي يُنْفِق على عِبَادِه، فيَدُه «سحَّاءُ
اللَّيلَ والنَّهَارَ»، والسَّحُّ: الصَّبُّ الدَّائِمُ؛ أي: دَائِمَةٌ
بِالعَطَاء وَالجُودِ وَالكَرَمِ.
وقولُه: «أَرَأَيْتُمْ مَا أَنْفَقَ مُنْذُ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَْرْضَ،
فَإنَّهُ لَمْ يَغِضْ مَا فِي يَمِينِهِ» أي: لا تَنْقُص خَزَائِنُه سبحانه
وتعالى بِالإِنْفَاق؛ لأَنَّه الغنيُّ؛ قال سُبْحَانَه: ﴿وَلِلَّهِ خَزَآئِنُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ
وَلَٰكِنَّ ٱلۡمُنَٰفِقِينَ لَا يَفۡقَهُونَ﴾
[المُنَافِقُون: 7] فَجَمِيع الأَرْزَاق التي للآدميِّين وَلِلبَهَائِمِ وللحشراتِ
وللطُّيورِ وللوُحوشِ كُلِّهَا من رِزْق الله، وَإِنْفَاقُه على مَخْلُوقَاتِه،
وعلى كَثْرَة هذا الإِنْفَاق لا يَنْقُص ما عِنْدَه سبحانه وتعالى، بِخِلاَف
المَخْلُوق، فإنَّه وَإِنْ كانت عِنْدَه ثَرْوَةٌ هَائِلَةٌ فإنَّه إذا ما أَنْفَق
منها فَإِنَّهَا تَنْقُص حَتَّى تَنْفَد؛ قال تعالى: ﴿مَا عِندَكُمۡ يَنفَدُ وَمَا عِندَ ٱللَّهِ بَاقٖۗ﴾ [النحل: 96].
وفي هذا الحَدِيث إثْبَات اليَد لِلَّه وَوَصْفُهَا بِاليَمِين،
وَجَاء أيضًا وَصْفُ الأُخْرَى بِالشِّمَال، وَكِلتَا يَدَيْه تعالى يَمِينٌ، فهي
شِمَالٌ ليست كَشِمَال المَخْلُوقِين، بل هي شِمَالٌ وَهِي يَمِينٌ أيضًا،
وَاحِدَةٌ من يَدَيْه سُبْحَانَه فِيهَا الإِنْفَاق على العِبَاد، والأخرى فِيهَا
القِسْط.
وقولُه: «يَمينُه مَلأى» أي: يَدُه سُبْحَانَه مَلأَى بِالرِّزْق وَالخَيْر «لا تَغِيضُهَا نَفَقَة» أي: لا يَنْقُص
ممَّا في يَمِينِه سبحانه وتعالى بِمَا يُنْفِق على عِبَادِه.
وقولُه: «سَحَّاءُ اللَّيلَ والنَّهارَ» سحَّاء؛ أي: كَثِيرَة العَطَاء الذي لا حدَّ له، فعطاؤه مُسْتَمِرٌّ ليلاً ونهارًا، فلا يُعْطِي في وَقْتٍ وَيَمْنَع في وَقْتٍ آخَرَ كالمخلوقين، فعطاؤه دَائِمٌ في جَمِيع اللَّحَظَات وَالسَّاعَاتِ.
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد