وقولُه: «أَرَأَيْتُم مَا أَنْفَق مُنْذُ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ فَإِنَّه
لَمْ يَغِضْ مَا فِي يَمِينِهِ» هذا تَقْرِيبٌ لِبَيَان سَعَة الرِّزْق
وَكَثْرَتِه من الله عز وجل َ وَغِنَاه، وأنَّه مع كَثْرَة إنْفَاقِه فإنَّه لا
يَنْقُص ما في يَمِينِه ولا ممَّا في خَزَائِنِه، بِخِلاَف المَخْلُوقِين
فَإِنَّهُم إذا أَنْفَقُوا فإنَّه يَنْقُص مِمَّا عِنْدَهُم فَيَنْفَد، فإذا تأمَّلت
هذه المَخْلُوقَات في البَرِّ وَالبَحْرِ وَجَدْت أنَّها كُلَّهَا تَعِيش من رِزْق
الله، قال تعالى: ﴿وَمَا
مِن دَآبَّةٖ فِي ٱلۡأَرۡضِ إِلَّا عَلَى ٱللَّهِ رِزۡقُهَا﴾ [هود: 6]، فهو سُبْحَانَه يُنْفِق على هذه
المَخْلُوقَات مُنْذ خَلَق السَّموات وَالأَرْض، فَلَم يَنْقُص ذلك مِمَّا عِنْدَه
شيئًا، ولم يَنْقَطِع رِزْقُه سبحانه وتعالى عن مَخْلُوقَاتِه، فهذا دَلِيلٌ على
كَمَال غِنَاه، وَأَنَّ هذا الإِنْفَاق في هذا الزَّمَانِ الطَّوِيلِ لم يَنْقُص
ما في يَمِينِه جل وعلا.
قولُه: «والقِسْطُ بِيَدِه الأُخْرَى يَرْفَعُ وَيَخْفِضُ» هذا فيه بَيَان أنَّ لِلَّه سبحانه وتعالى يَدَين، اليَد اليُمْنَى فِيهَا العَطَاء وَالكَرَم وَالجُود وَالإِنْفَاق على عِبَادِه، وَالثَّانِيَةُ فِيهَا القِسْط وَالعَدْل، «وَيَخْفِضُ»، أي: يَرْفَع، وَيَخْفِض المَقَادِير ويُنزلها على عِبَادِه، وَيُرْفَع أَعْمَالَهُم ويُحصيها.
الصفحة 3 / 339
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد