وقوله جل وعلا: ﴿وَمَا تَدۡرِي
نَفۡسٞ مَّاذَا تَكۡسِبُ غَدٗاۖ﴾
[لقمان: 34]، فهذا من المُسلَّمات التي أقرَّ بها النَّاسُ قبل نُزُول القُرْآن،
ولهذا قال الشَّاعِر الجَاهِلِيُّ زُهَيرُ بْنُ أَبِي سُلْمَى:
وَأَعْلَمُ عِلمَ اليَوْمِ
والأَمْسِ قَبْلَهُ **** وَلَكِنَّنِي عن عِلمِ ما في غَدٍ عَمِ
هَذَا وهو إنْسَانٌ جَاهِلِيٌّ، لا يَدْرِي مَاذَا
يُمْكِن أن يَجْرِي في الغَد أو في المُسْتَقْبَل، كَوْنَ هذا الأَمْرِ من عِلم
الله جل وعلا، فَمِن باب أَولى أن يُقِرَّ بذلك من جَاء بَعْدَه على مَرِّ
العُصُور !
وقوله جل وعلا: ﴿وَمَا تَدۡرِي
نَفۡسُۢ بِأَيِّ أَرۡضٖ تَمُوتُۚ﴾
[لقمان: 34]، المَوْت لابُدَّ منه، وَلَكِنَّ المَجْهُول مَكَانَه وَزَمَانِه، هل
هو في البَرِّ، أَم في البَحْرِ، أَم في الجَوِّ؟ فلا أَحَد يَدْرِي متى وأَيْنَ يكون
ذلك، لِكَوْنِه في عِلم الله وَحْدَه جلَّ شَأْنُه ﴿إِنَّ ٱللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرُۢ﴾
[لقمان: 34].
هَذِه مَفَاتِيح الغَيْب التي لا يَعْلَمُهَا إلاَّ الله
سبحانه وتعالى.
ففي هذا الحَدِيث إثْبَات العِلم لِلَّه جل وعلا، وفيه
بَيَان مَفَاتِح الغَيْب التي ذَكَرهَا الله فَيَقُولُه: ﴿وَعِندَهُۥ مَفَاتِحُ ٱلۡغَيۡبِ لَا يَعۡلَمُهَآ إِلَّا
هُوَۚ﴾ [الأنعام: 59]، فهو
تَفْسِيرٌ لِلآيَة.
والغيبُ: ما غَاب عن النَّاس؛ وَالشَّهَادَة: ما شَاهَدُوه، والله جل وعلا عَالِم الغَيْب وَالشَّهَادَة، أي: ما ظَهَر لِلنَّاس وما خَفِي عَلَيْهِم، فالله سُبْحَانَه عَلِيمٌ به.
الصفحة 6 / 339
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد