وأمَّا ما يُذكر في وَسَائِل الإِعْلاَم كالإذاعة
والتِّلْفَاز من توقُّعات حَوْل هُبُوب الرِّياح وما أَشْبَه ذلك فهو ليس من باب
الجَزْم، إنَّما هو من التَّوقُّعات المَبْنِيَّة على ظَوَاهِر جويَّة والتي من
المُمْكِن أن تُصِيب وَأَن تُخْطِئ؛ فلا يُقَال: إنَّ هَؤُلاَء يَعْلَمُون ممَّا
اسْتَأْثَر الله بِعِلمِه من نُزُول المَطَر.
وقوله جل وعلا: ﴿وَيَعۡلَمُ مَا
فِي ٱلۡأَرۡحَامِۖ﴾ [لقمان:
34] أي: الأجنَّة التي في البُطُون، لا يَعْلَمُهَا إلاّ الله سبحانه وتعالى،
سَوَاء التي في بُطُون الآدميَّات، أو التي في بُطُون البَهَائِم وَالحَيَوَانَات،
فلا أَحَد يَدْرِي ما في بُطُونِهَا من حيث كَوْنه ذَكَرًا أو أُنْثَى، أو حيًّا
أو مَيِّتًا، أو كَامِلَ الخِلْقة أو نَاقِصَ الخِلْقة، فلا يَعْلَم كلُّ هذا
إلاَّ الله جل وعلا، حَتَّى المَلَك المُوكَّل بِنَفْث الرُّوح إذا جَاء لِيَنْفُخ
الرُّوح، فإنَّه يَسْأَل الله عز وجل عن أَجَلِه وَعَمَلَه وهل هو شقيٌّ أو
سَعِيدٌ فَيَكْتُب ما أَخْبَرَه الله جل وعلا.
أَمَّا بِخُصُوص ما استُحدث الآن من صُوَر الأَشِعَّة التي تُشخِّص الحَمْل على الأجهزة المصوَّرة؛ فَيُخْبِرُون بِكَوْنِه ذَكَرًا أو أُنْثَى، فهذا ليس من الأُمُور الدَّاخِلَةِ في عِلم الغَيْب، وإنَّما هو من عِلم الشَّهَادَة التي تَحْصُل بِوَاسِطَة الأجهزة التي تصوِّر ما في البُطُون فتظهره، فهو ليس من عِلم الغَيْب؛، لأَنَّه لا أَحَد يَعْلَم حَقِيقَة ذلك قبل التَّصْوِير التي تَتِمُّ بِوَاسِطَة الأَجْهِزَةِ المَذْكُورَةِ، ثُمَّ لو قُدِّر أَنَّهُم عَلِمُوا بِكَوْنِه ذَكَرًا أو أُنْثَى أو حيًّا أو ميِّتًا، فهم لا يَدْرُون شيئًا من أجَله أو عن عَمَلِه، أو هل هو شقيٌّ أَم سَعِيدٌ، حتمًا هُم لا يَدْرُون شيئًا عن ذلك كما لا يَدْرُون شيئًا عن رِزْقِه، فَكُلُّ هذه الأُمُورِ من الأَشْيَاء التي اسْتَأْثَر بِعِلْمِهَا اللهُ عز وجل.
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد