ٱلۡغَيۡبِ لَا يَعۡلَمُهَآ إِلَّا هُوَۚ وَيَعۡلَمُ مَا فِي ٱلۡبَرِّ
وَٱلۡبَحۡرِۚ﴾ [الأنعام:
59]، جَاء تَفْسِير هذه المَفَاتِيح في آخِر سُورَة لُقْمَان: ﴿إِنَّ ٱللَّهَ
عِندَهُۥ عِلۡمُ ٱلسَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ ٱلۡغَيۡثَ وَيَعۡلَمُ مَا فِي ٱلۡأَرۡحَامِۖ
وَمَا تَدۡرِي نَفۡسٞ مَّاذَا تَكۡسِبُ غَدٗاۖ وَمَا تَدۡرِي نَفۡسُۢ بِأَيِّ
أَرۡضٖ تَمُوتُۚ﴾ [لقمان:
34].
هَذِه المَفَاتِيحُ الخَمْسَةُ لا يَعْلَمُهَا إلاَّ
الله، فلا يَعْلَمُهَا مَلَكٌ مقرَّبٌ، ولا نَبِيٌّ مُرْسَلٌ، ولا أَحَدٌ من
خَلقِه تبارك وتعالى، فهي من الأُمُور التي اخْتَصَّ الله بِعِلمِهَا، ولهذا لمَّا
سَأَل جبريلُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم وقال له: مَتَى السَّاعَةُ؟ قَالَ:
«مَا المَسْئُولُ عَنْهَا بِأَعْلَمَ مِنَ
السَّائِلِ» ([1])،
يعني: أَنَا وَأَنْت سَوَاءٌ لا نَعْلَم هذا الأَمْرَ، لأنَّ هذا من اخْتِصَاص
الله سبحانه وتعالى.
وَقَد ذكر هذا في القُرْآن الكَرِيمِ، فقال تعالى: ﴿يَسَۡٔلُونَكَ
عَنِ ٱلسَّاعَةِ أَيَّانَ مُرۡسَىٰهَاۖ قُلۡ إِنَّمَا عِلۡمُهَا عِندَ رَبِّيۖ﴾ [الأعراف: 187].
وَقَال: ﴿يَسَۡٔلُكَ ٱلنَّاسُ عَنِ ٱلسَّاعَةِۖ قُلۡ إِنَّمَا
عِلۡمُهَا عِندَ ٱللَّهِۚ وَمَا يُدۡرِيكَ لَعَلَّ ٱلسَّاعَةَ تَكُونُ قَرِيبًا﴾ [الأحزاب: 63].
فَلا يَعْلَم أحدٌ متى قِيَام السَّاعَة إلاّ الله، وأمَّا
هَؤُلاَء الَّذِين يَحسبون ليُقدِّروا عُمْرَ الحَيَاة الدُّنْيَا إنَّما هُم من
الكَذَبة الَّذِين يَكْذِبُون على الله جل وعلا ويُنازعونه في عِلْمِه.
وقوله جل وعلا: ﴿وَيُنَزِّلُ ٱلۡغَيۡثَ﴾ [لقمان: 34]، وقوله في آيَةٍ أُخْرَى: ﴿وَهُوَ ٱلَّذِي يُنَزِّلُ ٱلۡغَيۡثَ مِنۢ بَعۡدِ مَا قَنَطُواْ﴾ [الشورى: 28]، فيه بَيَان أنَّه لا أَحَد يَسْتَطِيع أن ينزِّل الغيثَ من السَّمَاء إلاَّ الله جل وعلا، ولا أَحَد يَدْرِي أيضًا متى يُنْزِل الله الغيثَ، فهو من اخْتِصَاص الخَالِق سبحانه وتعالى.
([1]) أخرجه: البخاري رقم (50)، ومسلم رقم (8).