وقوله صلى الله عليه وسلم:
«أَطَّتِ السَّمَاءُ» الأَطِيط: هو في
الأَصْل صَوْت الرَّحْل من ثِقَل ما عَلَيْه، فإذا أَثْقَل الرَّاكِب الرَّحْلَ
يَصِير له صَوْت يُسَمَّى بالأطيط من شِدَّة التَّحَمُّل، وَالمُرَاد هُنَا: أنَّه
صَار لِلسَّمَاء صَوْتٌ من شِدَّة التَّحَمُّل على الرَّغْم من قُوَّتِهَا وَسَعَتِهَا
من كَثْرَة المَلاَئِكَة الَّذِين أثْقلوها.
وقولُه: «إلاَّ وفيه مَلَكٌ سَاجِدٌ» المَلاَئِكَة من عَالِم الغَيْب الذي لا
يَعْلَمُه إلاَّ الله سبحانه وتعالى، فهم خَلْقٌ وجُنْدٌ من جُنْد الله تعالى لا
أَحَد يَرَاهُم، وَلَكِنَّنَا نُؤْمِن بِهِم، وَالإِيمَان بِهِم هو أَحَد أَرْكَان
الإِيمَان السِّتَّةِ كما قال: «الإِيْمَانُ
أَنْ تُؤْمِنَ بِاَللَّهِ وَمَلاَئِكَتِهِ وَكُتْبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَومِ
الآَخِرِ، وَتُؤْمِنَ بِالقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ» ([1]).
وَقَال تعالى: ﴿كُلٌّ ءَامَنَ بِٱللَّهِ وَمَلَٰٓئِكَتِهِۦ وَكُتُبِهِۦ
وَرُسُلِهِۦ﴾ [البقرة: 285].
وَقَال: ﴿وَلَٰكِنَّ ٱلۡبِرَّ مَنۡ ءَامَنَ بِٱللَّهِ وَٱلۡيَوۡمِ
ٱلۡأٓخِرِ وَٱلۡمَلَٰٓئِكَةِ وَٱلۡكِتَٰبِ وَٱلنَّبِيِّۧنَ﴾ [البقرة: 177].
هذه أَرْكَان الإِيمَان ومن بَيْنِهَا الإِيمَان بِالمَلاَئِكَة،
وهم خَلْقٌ من خَلَق الله سبحانه وتعالى، خَلَقَهُم الله من نُورٍ، وَخَلَق
الجِنَّ من نَارٍ، وَخَلَق بَنِي آدَم من تُرَابٍ، فَالجِنُّ وَالشَّيَاطِينُ من
عَالَم الغَيْب وَلَكِن الله خَلَقَهُم من مَارِجٍ من نَارٍ، قال تعالى: ﴿وَخَلَقَ ٱلۡجَآنَّ
مِن مَّارِجٖ مِّن نَّارٖ﴾
[الرحمن: 15] أيْ: من لَهَب النَّار المُرْتَفِعِ.
فَهُنَاك مَخْلُوقَاتٌ كَثِيرَةٌ خَلَقَهَا الله، منها ما هو من عَالَم الغَيْب، ومنها ما هو من عَالَم الشَّهَادَة، ومن عَالَم الغَيْب: المَلاَئِكَةُ، فَنُؤْمِن بِهِم
([1]) أخرجه: البخاري رقم (50)، ومسلم رقم (8).
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد