×
شرح أصول الإيمان

 ومما أَطْلَع الله جل وعلا نَبِيَّه صلى الله عليه وسلم عَلَيْه، عَذَابُ القَبْر الذي لا يَخْلُو من المَوَاقِف وَالعَجَائِب التي لا يَعْلَمُهَا إلاَّ الله، من أَحْوَال المَوْتَى الَّذِين يُعذَّبون أو يُنعَّمون، وَنَحْن لا نُحِسُّ بهذا، وَلَكِنَّ الرَّسُول صلى الله عليه وسلم أَطْلَعَه الله على شَيْءٍ من ذلك.

وَحِينَمَا مَرَّ على قَبْرَيْن فقال: «إنَّهُمَا لَيُعَذَّبَان»، فَنَحْن نَمُرُّ على القُبُور ولا نَشْعُر بِشَيْءٍ من ذلك مع أن هذه القُبُورَ إمَّا رَوْضَةٌ من رِيَاض الجَنَّة أو حُفْرَةٌ من حُفَر النَّار، فَكُلُّ هذا من أُمُور الآخِرَة التي لا يَعْلَمُهَا إلاَّ الله سبحانه وتعالى، ومن الأُمُور التي حَجَبَهَا الله عَنَّا، وقد يَحْصُل شَيْءٌ من الاِطِّلاَع لِبَعْض النَّاس على عَذَاب القَبْر من باب العِظَة، وهذا شَيْءٌ مَعْرُوفٌ، ومن أَرَاد شيئًا من هذا فَليُرَاجِع كتَاب «أَهْوَال القُبُور» لِلحَافِظ ابْنِ رَجَبٍ رحمه الله وَغَيْرَه من الكُتُب المُؤَلَّفَةِ في هذا البَاب؛ لِيَعْتَبِر وَيَتَّعِظَ، مع أنَّ الذي غُيِّب عَنَّا ولم نَعْلَمْه كَثِيرٌ.

وَلَمَّا مَرَّ الرَّسُول صلى الله عليه وسلم بِقَبْرَيْن قال: «إِنَّهُمَا لَيُعَذَّبَانِ، وَمَا يُعَذَّبَانِ فِي كَبِيرٍ، أَمَّا أَحَدُهُمَا فَكَانَ لاَ يَسْتَتِرُ مِنَ الْبَوْلِ، وَأَمَّا الآْخَرُ فَكَانَ يَمْشِي بِالنَّمِيمَةِ» ([1])؛ فَهَذَان سَبَبَان من أَسْبَاب عَذَاب القَبْر، فهذا مِمَّا أَطْلَع الله نَبِيَّه صلى الله عليه وسلم عَلَيْه.

وَقَال: «لَوْلاَ أَنْ لاَ تَدَافَنُوا لَدَعَوْتُ اللهَ أَنْ يُسْمِعَكُمْ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ» ([2]).


الشرح

([1])  أخرجه: البخاري رقم (215)، ومسلم رقم (292).

([2])أخرجه: مسلم رقم (2867).