×
شرح أصول الإيمان

ثانيًا: أنَّه لا يَجُوز لأَِحَدٍ أن يقنِّط النَّاس من رَحْمَة الله مَهْمَا رَأَى عَلَيْهِم من المَعَاصِي وَالمُخَالَفَات، وَلَكِن يَدْعُوهُم إلى الله وَيَأْمُرُهُم بِالتَّوْبَة، وَيُحَبِّبُهُم بها وَيُرَغِّبُهُم في ثَوَاب الله وَفَضْلِه، وألَّا يَحْلِف أنَّه لَن يَغْفِر لهم.

ثالثًا: أنَّه لا يَجُوز الحَلِف على الله في مَنْعِه جل وعلا مِنْ فعْل المَغْفِرَةِ وَالإِفْضَال على عِبَادِه، وأمَّا الحَلِف على الله على أن يَفْعَل الخَيْر وَيُنْزِلَه، فهذا لا بَأْس به، قال صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ مِنْ عِبَادِ اللهِ، مَنْ لَوْ أَقْسَمَ عَلَى اللهِ لَأَبَرَّهُ» ([1])، وهذا في الرَّجَاء وَحُسْنِ الظَّنِّ بِاَللَّه جل وعلا، فإذا حَلَف المُسْلِم على الله بأنْ يَفْعَل الخَيْر وَيَغْفِرَ لِعِبَادِه وَيَرْحَمَهُم، اُعْتُبِر هذا من باب حُسْن الظَّنِّ بِاَللَّه عز وجل، وليس هو من سُوء الظَّنِّ به عز وجل، هذا الفَرْق بين الحَالَتَيْن، وهذا الجَمْع بين الحَدِيثَيْن، حَدِيث: «وَاللهِ لاَ يَغْفِرُ اللهُ لِفُلانٍ»، وَحَدِيث: «إِنَّ مِنْ عِبَادِ اللهِ، مَنْ لَوْ أَقْسَمَ عَلَى اللهِ لَأَبَرَّهُ»، فَالأَوَّل أَحْبَط الله عَمَلَه، والثَّاني في الرَّجَاء وَحُسْن الظَّنِّ بِاَللَّه عز وجل.

رابعًا: وفي الحَدِيث خَطَرُ الكَلاَمِ السَّيِّئِ، وأنَّه على المُسْلِم أنْ يَحْفَظ نَفْسَه من الانْزِلاق في الكَلاَم السَّيِّئ في حَقِّ الله عز وجل أو في حَقِّ العِبَاد، قال تعالى: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَقُولُواْ قَوۡلٗا سَدِيدٗا [الأَحْزَاب: 70]، فعلى المُسْلِم أن يَحْفَظ لِسَانَه من أن يقول كَلِمَةً وَاحِدَةً فَيَكْتُب الله له بها غَضَبَه إلى يوم يَلْقَاه، قال أَبُو هُرَيْرَةَ عند هذا الحَدِيثِ:«وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَتَكَلَّمَ بِكَلِمَةٍ أَوْبَقَتْ دُنْيَاهُ وَآخِرَتَهُ».


الشرح

([1])  أخرجه: البخاري رقم (2556)، ومسلم رقم (1675).