وفي الحَدِيث: أنَّ الله يَتَأَذَّى بِأَفْعَال
عِبَادِه؛ قال تَعَالَى: ﴿إِنَّ ٱلَّذِينَ يُؤۡذُونَ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥ
لَعَنَهُمُ ٱللَّهُ فِي ٱلدُّنۡيَا وَٱلۡأٓخِرَةِ﴾
[الأحزاب: 57].
وفي الحَدِيث الصَّحِيحِ: «يُؤْذِينِي ابْنُ آدَمَ، يَسُبُّ الدَّهْرَ وَأَنَا الدَّهْرُ، بِيَدِي
الأَْمْرُ، أُقَلِّبُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ» ([1]).
وَاَللَّه يَتَأَذَّى بِأَفْعَال عِبَادِه لَكِنَّه لا
يَتَضَرَّر، فلا تَضُرُّه المَعَاصِي، قال تَعَالَى: ﴿إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَصَدُّواْ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ
وَشَآقُّواْ ٱلرَّسُولَ مِنۢ بَعۡدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ ٱلۡهُدَىٰ لَن
يَضُرُّواْ ٱللَّهَ شَيۡٔٗا﴾
[محمد: 32]؛ فالله لا يَضُرُّه أَحَدٌ، ولا تَضُرُّه المَعَاصِي، وإنَّما تَضُرُّ
مَنْ فَعَلَهَا، كما أنَّ الطَّاعَات لا تَنْفَعُه سُبْحَانَه وإنَّما تَنْفَع
صَاحِبَهَا، فَالضَّرَر بِالمَعَاصِي وَالنَّفْع بِالطَّاعَات رَاجِعٌ إلى
العِبَاد، أمَّا الله جل وعلا فلا تَضُرُّه مَعْصِيَة العَاصِين، ولا تَنْفَعُه
طَاعَة الطَّائِعِين؛ لأَنَّه غَنِيٌّ عن عِبَادِه؛ قال تَعَالَى: ﴿إِن
تَكۡفُرُوٓاْ أَنتُمۡ وَمَن فِي ٱلۡأَرۡضِ جَمِيعٗا فَإِنَّ ٱللَّهَ لَغَنِيٌّ
حَمِيدٌ﴾ [إبراهيم: 8].
وفي الحَدِيث القُدْسِيِّ: «يَا عِبَادِي إِنَّكُمْ لَنْ تَبْلُغُوا ضَرِّي فَتَضُرُّونِي، وَلَنْ
تَبْلُغُوا نَفْعِي فَتَنْفَعُونِي، يَا عِبَادِي لَوْ أَنَّ أَوَّلَكُمْ
وَآخِرَكُمْ وَإِنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ كَانُوا عَلَى أَتْقَى قَلْبِ رَجُلٍ
وَاحِدٍ مِنْكُمْ مَا زَادَ ذَلِكَ فِي مُلْكِي شَيْئًا، يَا عِبَادِي لَوْ أَنَّ
أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وَإِنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ كَانُوا عَلَى أَفْجَرِ قَلْبِ
رَجُلٍ وَاحِدٍ مَا نَقَصَ ذَلِكَ مِنْ مُلْكِي شَيْئًا!» ([2]).
فَفِي هذا الحَدِيث أنَّ الله يَتَأَذَّى بِأَفْعَال عِبَادِه من الكُفْر وَالمَعَاصِي، وفيه أنَّه سبحانه وتعالى يَصْبِر عَلَيْهِم ويُمْهِلُهُم وَيُعَامِلُهُم بِالإِحْسَان مع أَنَّهُم يُعَامِلُونَه
([1]) أخرجه: البخاري رقم (4549)، ومسلم رقم (2246).