×
شرح أصول الإيمان

لأَنَّه تعمَّد إخْرَاجَهَا عن وقتِهَا، وإذا تَعَمَّد إخْرَاجَهَا عن وَقْتِهَا فهي غيرُ مَقْبُولَةٍ ولا تَصِحّ.

وَبَعْضُهُم يَخْرُج من الْعَمَل بعد الظُّهْرِ فَيَتَنَاوَل غَدَاءَه وَيَنَام ويُهمِلُ صَلاَةَ الْعَصْر وهذا مُضَيِّعٌ لِلصَّلاَةِ وَرُبَّمَا لا يُصَلِّيهَا أبدًا، فمثل هذا كافر، وَرُبَّمَا صَلاَّهَا إذا اسْتَيْقَظ بعد الْغُرُوب أو وَسْط اللَّيْل، فهذا أيضًا لا تُقْبَل منه صَلاَتُه، فمثلُ هذه الصَّلاَةِ على هذا النَّحْو لم يُشَرِّعْهَا اللهُ سبحانه وتعالى، فلا يَجُوزُ له التَّلاَعُبُ في الْعِبَادَة، وَمِثْلُ هَؤُلاَء يُحْرَمون من رُؤْيَةِ اللهِ تبارك وتعالى يوم الْقِيَامَة.

فَهَذَا الْحَدِيثُ حَدِيثٌ عَظِيمٌ يَتَضَمَّنُ إثْبَاتَ رُؤْيَةِ الْمُؤْمِنِين لِرَبِّهِم يومَ الْقِيَامَة، وهي من أَعْظَمِ النِّعمِ التي تُعْطَى يومَ الْقِيَامَة؛ إكرامًا لهم، ولا شَيْء أَلَذّ عَلَيْهِم من رُؤْيَة رَبِّهِم سبحانه وتعالى، فهي أَلَذُّ عِنْدَهُم من جَمِيع النَّعِيم وَالْمَلَذَّات التي هُم فِيهَا، ولذلك يَمْنَحَهُم اللهُ هذه الْكَرَامَة فَيَرَوْنَه عِيانًا بِأَبْصَارِهِم.

وفِيه ضَرْبُ الأَْمْثِلَةَ لِلأُْمُورِ الْغَائِبَةِ بِأُمُورٍ مَحْسُوسَةٍ ومشاهَدة من أَجَل تَقْرِيب الْمَعَانِي، فَالنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم ضَرَب الْمِثَالَ على الشَّيْءِ الْغَائِبِ بِشَيْءٍ حَاضِرٍ مَحْسُوس، لِئَلاَّ يُقَال: كَيْف سَيَرَى أَهْلُ الْجَنَّةِ كلُّهم رَبِّهِم تبارك وتعالى وهو وَاحِد، فلا يُمْكِن هذا؟! فَبَيَّن الرَّسُولُ صلى الله عليه وسلم أن هذا أَمْكَن في الْمَخْلُوق وهو الْقَمَر، فهو مُمْكِن في حَقِّ اللهِ جل وعلا من باب أَوْلَى، ففي هذا إزَاحَةٌ لِلإِْشْكَال، وَإِيضَاحٌ بِالْمِثَال.

وفي الْحَدِيث: الْحَثُّ على الْمُحَافَظَةِ على الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ لاسِيَّما الْفَجْر وَالْعَصْر، وَأَن ذلك سَبَبٌ لِرُؤْيَةِ اللهِ عز وجل َ يومَ الْقِيَامَة.


الشرح